وَأَيْضًا فَمَعْنَى قَوْلِهِمْ: أَفْرَدَ الْحَجَّ؛ أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَحِلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ، وَلَمْ يَطُفْ لِلْعُمْرَةِ طَوَافًا يَتَمَيَّزُ بِهِ، فَصُورَتُهُ صُورَةُ الْمُفْرِدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِكَلَامِهِمْ مَحْمَلٌ صَحِيحٌ، فَيَجِبُ أَنْ يَحْكُمَ بِوُقُوعِ الْخَطَأِ فِي تِلْكَ الرِّوَايَاتِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ مَنْ رَوَى أَنَّهُ تَمَتَّعَ مُثْبِتٌ لِزِيَادَةٍ نَفَاهَا غَيْرُهُ، وَالْمُثْبِتُ أَوْلَى مِنَ النَّافِي.
وَقَالَ أَحْمَدُ - فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ -: كَانَ هَذَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ بِالْمَدِينَةِ. وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنَّهُ كَانَ قَدْ تَحَلَّلَ مِنْ عُمْرَتِهِ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مُفْرَدًا، فَيُسَمَّى مُفْرِدًا لِذَلِكَ. قَالَ: وَعَلَى هَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ كَوْنِهِ مُتَمَتِّعًا وَكَوْنِهِ لَمْ يَفْسَخِ الْحَجَّ، وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ الْفَسْخُ مِمَّنْ كَانَ قَارِنًا أَوْ مُفْرِدًا. وَهَذَا غَلَطٌ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَتَحَلَّلْ فِي حَجَّتِهِ، وَهُمْ إِنَّمَا سَأَلُوهُ عَنْ كَوْنِهِ لَمْ يَحِلَّ، سَوَاءٌ كَانَ قَدْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ أَوْ بِحَجَّةٍ، وَلَمْ يَسْأَلُوهُ عَنْ كَوْنِهِ لَمْ يَفْسَخْ، كَأَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا تَمَتَّعَ وَلَمْ يُفْرِدْ، عَلَى أَنَّهُمْ لَوْ سَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ فَلِأَنَّهُ كَانَ قَارِنًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute