للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَيْضًا قَوْلُهُ: " «لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا» " نَهَى الْكُلَّ عَنِ الْكُفْرِ، وَهُوَ دَلِيلُ جَوَازِ وُقُوعِهِ مِنْهُمْ.

وَقَوْلُهُ: " «إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا وَلَكِنْ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمٌ اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» "، وَقَوْلُهُ: " «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ فَإِنَّهَا أَوَّلُ مَا يُنْسَى» "، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " «لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ» "، وَقَوْلُهُ: " «خَيْرُ الْقُرُونِ الْقَرْنُ الَّذِي أَنَا فِيهِ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، ثُمَّ تَبْقَى حُثَالَةٌ كَحُثَالَةِ التَّمْرِ لَا يَعْبَأُ اللَّهُ بِهِمْ» ".

وَأَمَّا الْمَعْقُولُ فَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ.

وَأَيْضًا فَإِنَّ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ فَلَا يَكُونُ إِجْمَاعُهُمْ حُجَّةً كَغَيْرِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ لَا يَصِحُّ إِثْبَاتُهَا إِلَّا بِدَلِيلٍ، فَلَا يَكُونُ إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ دَلِيلًا عَلَيْهَا، كَالتَّوْحِيدِ وَسَائِرِ الْمَسَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ.

وَالْجَوَابُ: قَوْلُهُمْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ (مِنْ) لِلْعُمُومِ سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْعُمُومِ.

قَوْلُهُمْ: إِنِ التَّوَعُّدَ إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْمُشَاقَّةِ وَاتِّبَاعِ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِأَنَّ التَّوَعُّدَ عَلَى اتِّبَاعِ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا بِمُشَاقَّةِ الرَّسُولِ، فَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَإِنْ كَانَ مَشْرُوطًا بِهِ، فَيَكُونُ اتِّبَاعُ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرَ مُتَوَعَّدٍ عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُشَاقَّةِ مُطْلَقًا، وَذَلِكَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْإِجْمَاعِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ خَطَأً لَكِنْ لَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ صَوَابًا مُطْلَقًا، وَمَا لَا يَكُونُ صَوَابًا مُطْلَقًا لَا يَكُونُ جَائِزًا مُطْلَقًا وَلَيْسَ بِحَقٍّ ; لِأَنَّهُ إِذَا سَلَّمَ أَنَّ مُخَالَفَةَ الْإِجْمَاعِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُشَاقَّةِ لَيْسَتْ خَطَأً.

فَقَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ صَوَابًا مُطْلَقًا، قُلْنَا: إِنْ لَمْ تَكُنْ صَوَابًا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ عَدَمُ الصَّوَابِ خَطَأً أَوْ لَا يَكُونُ خَطَأً، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَقَدْ نَاقَضَ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَمَا لَا يَكُونُ خَطَأً لَا يَلْزَمُ التَّوَعُّدُ عَلَيْهِ.

وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ: هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ شَاقَّ الرَّسُولَ يَجِبُ عَلَيْهِ اتِّبَاعُ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ مُشَاقَّتِهِ لِلرَّسُولِ، وَمُشَاقَّةُ الرَّسُولِ لَيْسَتْ مَعْصِيَةً فَقَطْ وَإِنَّمَا هِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>