للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسلام، وكانت حبشية سوداء١.

فلما قال مجزز المدلجى ذلك -وهو لا يرى إلا أقدامهما فقط- سر ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

ووجه الاستدلال بالحديث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقر أن يؤخذ بحكم القائف، وإقراره -صلى الله عليه وسلم- ذلك يدل على أن القافة حق، فإن التقرير أحد أنواع السنة٢، وهي المصدر الثاني للتشريع بعد كتاب الله تبارك وتعالى، قال الشافعي -رضي الله عنه: "فلو لم يعتبر قوله لمنعه من المجازفة، وهو -صلى الله عليه وسلم- لا يقر على خطأ، ولا يسر إلا بالحق".

وحقيقة التقرير أن يرى النبي -صلى الله عليه وسلم- فعلا من فاعل، أو يسمع قولا من قائل، أو يعلم به، وكان ذلك الفعل من الأفعال التي لا يعلم تقدم إنكاره لها، كمضي كافر إلى كنيسة، ولم ينكره.

والرسول -صلى الله عليه وسلم- لم ينكر عمل القائف، بل إن استبشاره به أوضح في التقرير، فإنه استبشر بكلام مجزز في إثبات نسب أسامة إلى زيد، فدل ذلك على تقرير كون القيافة طريقا إلى معرفة الأنساب٣.


١ ثبت في الصحيح أن أم أيمن كانت حبشية، وصيفة لعبد الله والد النبي -صلى الله عليه وسلم، ويقال: كانت من سبي الحبشة الذين قدموا زمن حادثة الفيل، فصارت لعبد المطلب، فوهبها لعبد الله والد النبي -صلى الله عليه وسلم، وتزوجت قبل زيد عبيدا الحبشي فولدت له أيمن، فكنيت به واشتهرت بكنيتها، واسمها بركة، سبل السلام، ج٤، ص١٣٦، ١٣٧.
٢ السنة أقوال النبي -صلى الله عليه وسلم، وأفعاله، وتقريراته.
٣ سبل السلام، ج٤، ص١٣٧.

<<  <   >  >>