للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكيفيات الْمَعْلُومَة وَإِمَّا كَيْفيَّة غَرِيبَة تَسْمِيَة وَإِمَّا احتباس مَادَّة النَّفس. والمبرسمون فِي الْأَكْثَر يموتون لعدم التنفس وَلذَلِك يجب أَن لَا يتْركُوا مستلقين وَلَا يتْركُوا أَن تَجف حُلُوقهمْ. فصل فِي أَصْنَاف الْمَوْت الَّذِي يعرض فِي أَوْقَات الحميات وعلامة كَيْفيَّة موت العليل. من ذَلِك الْمَوْت الَّذِي يعرض مَعَ ابْتِدَاء نوبَة الْحمى فِي تزايدها أَو دورها وَأَكْثَره فِي حميات الأورام الْبَاطِنَة حِين ينصت إِلَيْهِ فضل دفْعَة. وَفِي الْأَمْرَاض الخبيثة الَّتِي تنهزم عَنْهَا الطبيعة أول مَا تتحرك بِقُوَّة لَا سِيمَا إِن كَانَت ضَعِيفَة. وَبِالْجُمْلَةِ هُوَ كالخنق وكإطفاء الْحَطب الْكثير النَّار وَمن ذَلِك الْمَوْت فِي مُنْتَهى نَوَائِب الْحمى لانهزام الطبيعة عَن الْمَرَض. وَالثَّالِث: الْمَوْت الْكَائِن فِي الانحطاط وَهُوَ قَلِيل نَادِر وَأَكْثَره فِي الانحطاط الجزئي دون الْكُلِّي وَالسَّبَب فِيهِ أَن الطبيعة تكون فِيهِ كالآمنة وتنتشر الْحَرَارَة وتتفرق وتفارق الماسك الَّذِي يحْتَاج إِلَيْهِ فِي الْأَوْقَات الأول وَأَكْثَرهم يموتون بالغشي وَدفعه وَبَعْضهمْ يَمُوت بتدريج. وَرُبمَا كَانَ الانحطاط انحطاط دورٍ لاسترخاء الْقُوَّة وتحلل الْحَرَارَة الغريزية فيظن انحطاطاً حَقِيقِيًّا. النبض فِي الانحطاطين مُخْتَلف فَإِنَّهُ فِي الْحق يقوى وَفِي الْبَاطِل يسترخي وَفِي الْحَقِيقِيّ يَسْتَوِي وَفِي الْبَاطِل يخْتَلف وَيخرج عَن النظام. وَأما فِي الانحطاط الكلّي فَلَا يَمُوت إِلَّا لأسباب عنيفة من خَارج تطرأ على الْمَرِيض وَهُوَ ضَعِيف مثل حَرَكَة أَو قيام أَو غضب وَقد يعرض مثل هَذَا أَيْضا للْأولِ ويسبق مثل هَذَا الْمَوْت عرق لزج يسير. وَكَثِيرًا مَا يَمُوت الْإِنْسَان فِي الجدري فِي انحطاط وَكَثِيرًا مَا يتقدمه عرق غير مستو وَإِلَى الْبرد وَرُبمَا كَانَ فِي الرَّأْس والرقبة وَحده أَو فِي الصَّدْر وَحده. وَإِذا كَانَ الْجلد فِي النزع يَابسا ممتداً فَلَا يكون الْمَوْت بعرق وبضده يكون بالعرق. لَكِن أَكثر الْمَوْت فِي الْأَمْرَاض القتالة يكون من وَجه مَا فِي الْوَقْت الَّذِي يكون البحران الْجيد فِي الْأَمْرَاض السليمة مثل أَنه إِن كَانَت الْعلَّة فِي الْأزْوَاج وَاعْلَم أَن المحرقة وَمَا يشبهها تجلب الْمَوْت عِنْد الْمُنْتَهى من النّوبَة وتحدث مَعَه أَعْرَاض رَدِيئَة من اخْتِلَاط الْعقل واشتداد الكرب أَو السبات والضعف عَن احْتِمَال الْحمى ثمَّ يحدث صداع وظلمة عين ووجع فؤاد وقلق. والبلغمية تجلب الْمَوْت فِي أول النّوبَة وَحِينَئِذٍ يكون الْبرد متطاولاً وَلَا يسخن والنبض صَغِيرا جدا ردياً ويشتد السبات والكسل وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن كل ذَلِك يجلب الْمَوْت فى السَّاعَة الَّتِي يشتدّ فِيهَا على الْمَرِيض أَكثر ابْتِدَاء كَانَ أَو صعُودًا أَو مُنْتَهى. وَالْمَوْت فِي التزيد الظَّاهِر قد يَقع فِي الْقَلِيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>