للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأما ضَعِيف الْبدن فقد يشفيه ذَلِك مَعَ تبريد يسير يُوجِبهُ فِي مزاجه يُمكن أَن يعالج وَإِن كَانَ أَضْعَف من ذَلِك خيف أَن يقر فِي دَق الشيخوخة وَذَلِكَ فِي الْأَقَل وَلكنه مَعَ ذَلِك أَبْطَأَ زمَان موت وَرُبمَا عَاشَ مَعَه مُدَّة لَهَا قدر وَكَثِيرًا مَا يكون الْأَصْلَح نَقله إِلَى ذَلِك الدق. وَأما مَا كُنَّا فِيهِ من حَدِيث الابزن فَإِن الأصوب أَن يبْدَأ بِمَا هُوَ حَار إِلَى حد ويتدرج إِلَى الْبَارِد المعتدل الْبرد الْمُحْتَمل فَإِن هَذَا التدريج يَجْعَل الْبدن قَابلا للبارد إِذْ الْأَلَم إِنَّمَا يكون بورود الْمُخَالف فِي المزاج بَغْتَة وَأَيْضًا فَإِن الْبدن يَسْتَفِيد بِالْمَاءِ الْحَار شبه خصب وَيحْتَمل مَعَه المَاء الْبَارِد وَإِن كرر الابزن فِي الْيَوْم ثَلَاث مَرَّات كَانَ صَوَابا وَيجب أَن يسْتَعْمل بِرِفْق لِئَلَّا تسْقط الْقُوَّة وَإِن تنَاول مَاء الشّعير قبل الابزن بساعتين كَانَ صَوَابا وَإِن قدم الابزن بعد حلب اللَّبن على بدنه على مَا سنفسره ليوسع مجاري الْغذَاء ثمَّ تنَاول مَاء الشّعير وَمَا يشبه ثمَّ صَبر ثمَّ اسْتعْمل الابزن ليبسط الْغذَاء كَانَ جيدا وَيسْتَعْمل بعد الأبزن وَالْحمام التمرّخ بأدهان مبردة مرطبة كدهن البنفسج خُصُوصا إِذا كَانَ متخذاً من دهن القرع وَكَذَلِكَ دهن النيلوفر ودهن القرع. وَإِن انْتقل من بعد الأبزن إِلَى مَا يكون أميل إِلَى برد قَلِيل مُحْتَمل ثمَّ يدهن كَانَ صَوَابا وَإِن قدّم الأدهان وعجلها ثمَّ دخل مَاء برد يَسِيرا كَانَ صَوَابا وَذَلِكَ بِحَسب الِاحْتِمَال وَلَا بَأْس بالتدريج فِيهِ وأجود أَوْقَات هَذَا الصَّنِيع بعد هضم الطَّعَام وَإِن أمكن أَن يغمس بعد الأبزن الْحَار فِي مَاء بَارِد دفْعَة من غير تدريج فَهُوَ أبلغ من جِهَة العلاج وأشدّ من جِهَة الْخطر وصب بالرفق أقل خطراً من غمس الْمَرِيض فِيهِ دفْعَة وأقلّ مَنْفَعَة. وَليكن الْبرد قدر برد مَاء الصَّيف الَّذِي هُوَ مَا بَين الفاتر وَبَين شَدِيد الْبرد وَإِن قدم حلب اللَّبن على أَعْضَائِهِ إِن لم يكن ضَعِيفا أَو الممزوج مِنْهُ بِالْمَاءِ إِن كَانَ ضَعِيفا ثمَّ اسْتعْمل الأبزن كَانَ صَوَابا فَإِن حلب اللَّبن على الْبدن شَدِيد الترطيب والألبان الجيدة للحلب هِيَ الْمَذْكُورَة وَيجب أَن يحلب من الضَّرع وَالْأولَى أَن يبيت على تمريخ من الأدهان الْمَذْكُورَة للبدن كُله وللمفاصل. وَأما الْحمام فَلَا يرخص لَهُ فِي دُخُوله إِلَّا إِذا كَانَ بِحَيْثُ لَا يعرق وَلَا يحمي وَلَا يُغير النَّفس وَيكون الْحَار مَاؤُهُ دون هوائه وَتَكون حرارة مَائه فاترة بِحَيْثُ تنقذ وَلَا تؤذي وَلَا تعرق وَإِذا لم تكن فِي بدنه مَادَّة مهيأة للعفونة وخصوصاً إِذا كَانَ ذَلِك وَلم ينهضم الطَّعَام بل يجب أَن يكون ذَلِك حِين مَا يُرَاد أَن ينبسط المهضوم مِنْهُ فِي الْبدن وَأَن لَا يُطِيل فِيهِ بل يُفَارِقهُ بِسُرْعَة وَإِذا فَارقه تنَاول شَيْئا من المرطّبات وَمن الأحشاء الَّتِي لَا تضره المتخذة من الشّعير وَاللَّبن. وَإِذا عرض لَهُ فِي الْحمام عَطش سكنه بِمَاء الشّعير وَمَاء الرائب وباللبن لبن الأتن وَيجب أَن يكون إدخالهم الْحمام ثمَّ إخراجهم على جِهَة لَا تَعب مَعهَا الْبَتَّةَ وَقد خبرنَا بذلك فِي مَوَاضِع أُخْرَى وسنعيد من ذَلِك شطراً يجب أَن ينْقل إِلَى الحمّام فِي مِحَفة مَحْمُولَة مفروش فِيهَا فرش مهيد حَتَّى يوافى بِهِ الْبَيْت الأول فينقل إِلَى مضربة لينَة مِمَّا يصلح للحمام وتنزع ثِيَابه فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>