للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيكون صَاحب الْمَرَض غير شَدِيد الشُّعُور مَا فِيهِ من الْحَرَارَة لِأَنَّهَا صَارَت مزاجاً للعضو مُتَّفقا وَقد علمت فِي الْكتاب الأول كَيْفيَّة الْحَال فِي مثل ذَلِك لَكِنَّهَا تظهر عِنْد تنَاول شَيْء من الأغذية لاشتدادها. وَمن دَلَائِل انْتِقَال حمى الْيَوْم إِلَى حمى الدق شدَّة اشتداد الْحَرَارَة فِي الثَّالِث جدا وَفِي الْأَكْثَر تَأْخُذ الْحمى بعد اثْنَتَيْ عشرَة سَاعَة فِي الانحطاط وَإِذا جَاوَزت الْحمى اثْنَتَيْ عشرَة سَاعَة وَلم تظهر عَلَامَات انحطاط بل استمرت إِلَى الثَّالِث واشتدت فَذَلِك دق. وَمن دَلَائِل تركب الدق مَعَ حمّيات العفونة بَقَاء حرارة يابسة بعد آخر الانحطاط ويعد الْعرق الوافر وَزِيَادَة فِي الذبول والنحافة على مَا توجبه تِلْكَ الْعلَّة ودهنية فِي الْبَوْل وَالْبرَاز وَإِن كَانَ الظَّاهِر الدق والخفي غَيره فَيدل عَلَيْهِ التضاغط الْوَاقِع فِي النوائب فَإِن مثل ذَلِك غير مَوْجُود فِي عَلَامَات الذبول: وَأما عَلَامَات الذبول فَإِن الْحمى إِذا اندفعت إِلَى الذبول اشتدّت صلابة النبض وَضَعفه وصغره وتواتره وخصوصاً إِذا كَانَ سَبَب الْوُقُوع فِي الدق أوراماً لَا تتحلل فَإِن ذَلِك أَعنِي التَّوَاتُر يزْدَاد جدا وَكَذَلِكَ السرعة وَيصير النبض من جنس الْمَعْرُوف بذنب الفار فَإِن كَانَ من شرب شراب حَار كَانَ بدل ذَنْب الفار مسلّي وَلَا تكون أَعْرَاض الذبول شَدِيدَة جدا فَإِنَّهَا لَا تمهل إِلَى مثل ذَلِك وَيظْهر فِي الْبَوْل دهانة وصفائح وَتَأْخُذ الْعين فِي الغؤر فَإِذا انْتهى الذبول اشتدّ غورها وَكثر الرمص الْيَابِس وتنتأ حُرُوف الْعِظَام من كل عُضْو وَفِي الْوَجْه ويتلطأ الصدغان ويتمدد جلد الْجَبْهَة وَيذْهب رونق الْجلد وَيكون كَأَن عَلَيْهِ غباراً مَا وإحراقات الشَّمْس وَيُؤَدِّي إِلَى ثقل رفع الْحَاجِب وَتصير الْعين نعاسية مغمضة من غير نوم ويدق الْأنف وَيطول الشّعْر وَيظْهر الْقمل وَيرى بَطْنه قد قحل ولصق بِالظّهْرِ كَأَنَّهُ جلد يَابِس قد انجذب وجذب مَعَه جلدَة الصَّدْر فَإِذا انحنت الْأَظْفَار وتقوست فقد انْتهى وَأخذ فِي المفتت وَإِذا حصل فِي المفتت ذَابَتْ الغضاريف. علاج الدق: الْغَرَض فِي علاج حمى الدق التبريد والترطيب وكل وَاحِد مِنْهُمَا يتم بتقريب أَسبَابه وَرفع أَسبَاب ضِدّه وَرُبمَا كَانَ سَبَب أَحدهمَا سَببا لضد الآخر مثل سَبَب التبريد فَإِنَّهُ رُبمَا كَانَ سَببا للتجفيف وَهُوَ ضد الترطيب مثل التبريد بالأقراص الكافورية والطباشير وَنَحْوهَا. وَرُبمَا كَانَ سَبَب الترطيب أَيْضا سَببا للتسخين وَهُوَ ضد التبريد مثل الشَّرَاب فَإِنَّهُ يرطب لكنه يسخن فَيجب أَن تراعي ذَلِك وَإِن دعت الْحَاجة إِلَى قوي فِي التبريد وَلم يكن إِلَّا ميبساً قرن بِهِ أَو قدّم عَلَيْهِ أَو أعقب مَا فِيهِ قُوَّة ترطيب وَكَذَلِكَ إِن دعت الْحَاجة إِلَى قوى فِي الترطيب سريع فِيهِ كَمَاء اللَّحْم وَالشرَاب فَيجب أَن يقرن بِهِ أَو يقدم عَلَيْهِ ويعقبه مَا فِيهِ قُوَّة تبريد.

<<  <  ج: ص:  >  >>