وَرُبمَا كَانَ انتقالاً من الورم الْحَار وعَلى كل حَال فَهُوَ رَدِيء. وكل ورم خناقي فإمَّا أَن يقتل وَإِمَّا أَن تنْتَقل مادته وَإِمَّا أَن يجمع ويقيح. وَقد يرم دَاخل القصبة لكنه لَا يبلغ أَن يخنق. والخناق الرَّدِيء المحرج إِلَى إدامة فتح الْفَم ودلع اللِّسَان يسمّى الْكَلْبِيّ. فَتَارَة يُقَال ذَلِك للكائن فِي العضل الدَّاخِل فِي الحنجرة وَتارَة يُقَال للْوَاقِع فِي صنفي العضل مَعًا وَتارَة يُقَال للَّذي يعرض إِلَى التشنّج إِذا اندفعت الْمَادَّة إِلَى جِهَة الأعصاب وَقد تنصبّ إِلَى نَاحيَة الْقلب فَتقْتل وَقد تنصبّ إِلَى نَاحيَة الْمعدة. وكل مخنوق يَمُوت فَإِنَّهُ يتشنّج أَولا. والخناق الْكَلْبِيّ قد يقتل فِيمَا بَين الْيَوْم الأول وَالرَّابِع وَقد تكْثر الخوانيق وأشباهها فِي الرّبيع الشتوي وَإِذا اشتدّ الخناق جعل النشر منخرياً يستعان فِيهِ بتحريك الورقة وأحوجّ كثيرا إِلَى تَحْرِيك الصَّدْر مَعَ الورقة وَإِلَى إسراع وتواتر إِن أعانت الْقُوَّة وَلم يكن لنفسهم نفخة وَإِن لم يكن خناقاً. وعروض الاختناق فِي الحمّيات الحادة رَدِيء جدا لِأَن الْحَاجة فِيهَا إِلَى التنفس شَدِيدَة. العلامات: الْعرض الْعَام لجَمِيع أَصْنَاف الخوانيق: ضيق النَّفس وَبَقَاء الْفَم مَفْتُوحًا وصعوبة الابتلاع حَتَّى إِنَّه رُبمَا أَرَادَ صَاحبه أَن يشرب المَاء فَيخرج من مَنْخرَيْهِ وجحوظ الْعَينَيْنِ وَخُرُوج اللِّسَان فِي الشَّديد مِنْهُ ضعف حركته وَرُبمَا دَامَ كثيرا وَيكون كَلَامه من الصِّنْف الَّذِي يُقَال أَن فلَانا يتَكَلَّم من مَنْخرَيْهِ وَهُوَ بِالْحَقِيقَةِ بِخِلَاف ذَلِك فَإِن الَّذِي ينْسب إِلَى هَذَا فِي عَادَة النَّاس إِنَّمَا هُوَ مسدود المنخرين فَهُوَ بِالْحَقِيقَةِ لَا يتَكَلَّم من المنخرين. وَأما الوجع فَلَا يشتدّ فِي البلغمي والصلب ويشتدّ فِي الْحَار. وَإِن اشْتَدَّ الوجع فَرُبمَا انتفخت الرَّقَبَة كلهَا وَالْوَجْه وتدلّى اللِّسَان. وَأسلم الذبْحَة مَا لَا يعسر مَعهَا النَّفس. ونبض أَصْحَاب الخناق فِي أَوله متواتر مُخْتَلف ثمَّ يصير صَغِيرا متفاوتاً ويشترك جَمِيع الورم فِي أَنه يحسّ إِمَّا بالبصر وَإِمَّا باللّمس بِأَن تحس أَعْضَاء المريء والحنجرة جاسية متمدّدة وَيكون صَاحبه كَأَنَّهُ يَشْتَهِي الْقَيْء والزوالي يكون مَعَه انجذاب من الرَّقَبَة إِلَى دَاخل وتقصّع حَيْثُ زَالَ الفقار وَإِذا لمس أوجع وَإِذا نَام على قَفاهُ لم يسغْ شَيْئا يبلغهُ البتّة وَالْفرق بَين ضيق النَّفس الْكَائِن بِسَبَب الذبْحَة والكائن بِسَبَب ذَات الرئة أَن الَّذِي فِي ذَات الرئة لَا يختنق دفْعَة وَهَذَا قد يختنق. وَالْفرق بَين الورم فِي الحنجرة والورم فِي المريء أَنه إِذا كَانَ البلع مُمكنا وَالنَّفس مُمْتَنع فالورم فِي الحنجرة أَو كَانَ بِالْعَكْسِ فالورم فِي المريء وَرُبمَا عظمت الحنجرة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute