محمدا عن يمينه وعبد الله عن شماله، ثم أمرني أن ألقي عليهما أبوابا من النحو، فما سألتهما عن شيء إلا أحسنا الجواب عنه، فسره سرورا استبنته «١» فيه، وقال: كيف تراهما؟ فقلت:
سليلي أمير المؤمنين وحائزي ... مواريث ما أبقى النبي محمد
يسدان آفاق السماء بشيمة ... يؤيدها حزم وعضب مهند «٣»
ثم قلت: ما رأيت، أعز الله أمير المؤمنين، أحدا من أبناء الخلافة ومعدن الرسالة، وأغصان هذ الشجرة الزاكية، أذرب منهما ألسنا «٤» ، ولا أحسن ألفاظا، ولا أشد اقتدارا على بادية ما حفظا ورويا منهما، أسأل الله أن يزيد بهما الإسلام تأييدا وعزا، ويدخل بهما على أهل الشرك ذلا وقمعا «٥» ، وأمّن الرشيد على دعائي «٦» ، ثم ضمهما إليه، وجمع عليهما يديه، فلم يبسطهما حتى رأيت الدموع تنحدر على صدره، ثم أمرهما بالخروج، ثم قال: كأنكم بهما لو قد حم القضاء «٧» ، ونزلت مقادير السماء، وقد تشتت أمرهما، وافترقت كلمتهما، حتى تسفك الدماء، وتهتك الستور «٨» .