للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

حدثنا أبو الأزهر، حدثنا ابن أبي فديك، حدثنا ربيعة بن عثمان، عن زيد بن أسلم، عن أبي واقد الليثي، عن أبي مراوح قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال الله تبارك وتعالى؟ "إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ولو كان لابن آدم واد أحبّ أن يكون له واديان، ولو كان له واديان لأحب أن يكون له ثالثهما، ولا يملأ بطن ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب".

كذا وجدته في كتابي والصواب عن أبي مراوح عن أبي واقد.


= ١١ - من حديث سعد بن أبي وقاص.
أخرجه الطبراني في "الصغير" (١/ ١٣٩) وفي "الأوسط" وقال الهيثمي: رجالهما رجال الصحيح غير حامد بن يحيى البلخي وهو ثقة. (المجمع ١٠/ ٢٤٤).
(ف) قال الحافظ ابن حجر في شرح هذا الحديث: قال الكرماني: ليس المراد الحقيقة في عضو بعينه بفرينة عدم الانحصار في التراب، إذ غيره يملؤه أيضًا، بل هو كناية عن الموت لأنه مستلزم للامتلاء فكأنه قال: لا يشبع من الدنيا حتى يموت فالغرض من العبارات (الواردة في الأحاديث) كلها واحد وهي من التفنن في العبارة.
فقال الحافظ ابن حجر متعقبًا على قوله: قلت: وهذا يحسن فيما إذا اختلفت مخارج الحديث وأما إذا اتحدت فهو من تصرف الرواة ثم نسبة الامتلاء للجوف واضحة والبطن بمعناه وأما النفس فعبر بها عن الذات، وأطلق الذات وأراد البطن من إطلاق الكل وإرادة البعض، وأما النسبة إلى الفم فلكونه الطريق إلى الوصول للجوف ويحتمل أن يكون المراد بالنفس العين، وأما العين فلأنها الأصل في الطلب لأنه يرى ما يعجبه فيطلبه ليحوزه إليه، وخص البطن في أكثر الروايات لأن أكثر ما يطلب المال لتحصيل المستلذات وأكثرها يكون للأكل والشرب.
وقوله: "يتوب الله على من تاب" أي: أن الله يقبل التوبة من الحريص كما يقبلها من غيره.
وقيل: وفيه إشارة إلى ذم الاستكثار من جمع المال وتمني ذلك والحرص عليه، للإشارة إلى أن الذي يترك ذلك يطلق عليه أنه تاب، ويحتمل أن يكون "تاب" بالمعنى اللغوي وهو مطلق الرجوع أي رجع عن ذلك الفعل والتمني.
وقال الطيبي: يمكن أن يكون معناه أن الآدمي مجبول على حب المال وأنه لا يشبع من جمعه إلا من حفظه الله تعالى ووفقه لإزالة هذه الجبلة عن نفسه وقليل ما هم، فوضع و"يتوب" موضعه إشعارًا بأن هذه الجبلة مذمومة جارية مجرى الذنب وأن إزالتها ممكنة بتوفيق الله وتسديده، ثم قال: وتؤخذ المناسبة أيضًا من ذكر التراب فإن فيه إشارة إلى أن الآدمى خلق من التراب ومن طبعه القبض واليبس وأن إزالته ممكنة بأن يمطر الله عليه ما يصلحه حتى يثمر الخلال الزكية والخصال المرضية، وأما ظن بعض الصحابة أنه كان من القرآن فسببه هو ما راوه من تضمنه على ذم الحرص من الاستكثار من جمع المال والتقريع بالموت الذي يقطع ذلك.
راجع "فتح الباري" (١٠/ ٢٥٥ - ٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>