ثم زادوا فقسموا كلا من الظرف، والجار الأصلي مع المجرور إلى مستقر: "بفتح القاف" وإلى: "لغو" يريدون المستقر: ما كان متعلقه المحذوف "كونا عاما" يفهم بدون ذكره. وسمي "مستقرا" لأمرين، لاستقرار معنى عامله فيه، "أي: فهمه منه". ولأنه حين يصير خبرا- مثلا - ينتقل إليه الضمير من المحذوف ويستقر فيه. وبسبب هذين الأمرينق يجب حذفه حتما. ويريدون باللغو: ما كان متعلقه "كونا خاصا" وسمى كذلك لأن وجوده ضئيل الأثر مع وجود عامله، إذ لا يستقر فيهه معنى ذلك العامل، ولا يتحمل ضميره. وفي هذا الحالة يتحتم أن يكون العامل الملفوظ به في الجملة هو الخبر - مثلا ويجب ذكره، ولا يجوز حذفه إلا لقرينة- كما في الأمثلة التي ستجيء-. ولو حذف لوجودها لكان هو الخبر أيضا مع حذفه، فلا يصح في حالتي ذكره أو حذفه أن يكون الظرف أو الجار الأصلي مع مجروره خبرا، ولا في موضع رفع خبرا. وهذا نوع من التشدد لا داعي له، إذ لا مانع أن نعرب "الظرف اللغو" خبرا في الحالة التي يحذف فيها عامله المعروف، كما أعربنا زميله المستقر. والكون العام واجب الحذف، إذ لا فائدة من ذكره، لوجود ما يدل عليه في غير خفاء ولا لبس، ولانتقال الضمير منه إلى شبه الجملة- كما قلنا كما أن الكون الخاص يجب ذكره حتما لعدم وجود ما يدل عليه عند حذفه، فإن وجدت قرينة تدل عليه وتعينه على صحة حذفه، مثل: الفارس فوق الحصان، أي: راكب فوق الحصان، ومن لي بفلان؟ أي: من يتكفل لي بفلان. والبحتري من الشعراء، أي: معدود منهم. ومثل قوله تعالي في القصاص: "الحر بالحر" على تقدير: "مقتول" لأن تقدير الكون العام في الأمثلة السالفة لا يؤدي المعنى المراد. والمتعلق الخاص المحذوف لوجود قرينة تدل عليه هو عندهم الذي يعرب خيرا- كما سبق - لا شبه الجملة. وبالرغم من حذفهه فإنه لا يخرج الظرف - في رأيهم - عن اعتباره =