للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكم هذا النوع: أنه يصح مراعاة صيغته اللفظية، من ناحة عدم تأنيث فعلها المسندة إليه، وكذلك مراعاة تذكيرها اللفظي عند نعتها، والإشارة إليها ... و ... كما يصح مراعاة معناها الذي تؤول به بشرط قيام قرينة جلية تمنع اللبس؛ نحو: "امتلأت الكتاب السطور؛ تريد: الورقة التي في يدك، مثلا" "هذه الكتاب نافعة، تريد: هذه الورقة" ... ولكن من الخير الاقتصار على مراعاة صيغة اللفظ؛ قدر الاستطاعة منعا للالتباس، فإن هذا المنع غرض من أهم الأغراض اللغوية، يجب الحرص عليه هنا، وفي كل موضع آخر١ ...

٧- المؤنث الحكمي: وهو ما كانت صيغته مذكرة ولكنها أضيفة إلى مؤنث فاكتسبت التأنيث؛ بسبب الإضافة؛ كقوله تعالى: {وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} . فكلمة "كل" مذكرة في أصلها، ولكنها في الآية اكتسبت التأنيث من المضاف إليه المؤنث؛ وهو "نفس"٢.

تلك أشهر أنواع المؤنث. ويعنينا منها، النوعان الأساسيان؛ وهما الأول والثاني "أي: المؤنث الحقيقي، والمجازي" أما سواهما فمتفرع منهما، راجع إليهما في أكثر أحكامه ...

والنوعان الأساسيان "أي: الحقيقي والمجازي" لا بد من اشتمالهما على علامة تأنيث ظاهرة أو مقدرة "أي: ملحوظة"، كما في بعض الأمثلة الأولى.


١ وإلا صارت اللغة فوضى، مضطربة الدلالات، غامضة المعاني والمرامي. ومما يساعد على إيجاد هذه العيوب فتح باب "التأنيث التأويلي" بغير قيد، وإباحته إباحة مطلقة، مع علمنا أن كل لفظ مذكر لا يكاد يعدم ضدا له مؤنثا على التأويل. فلو استبحنا استعمال المؤنث التأويلي استباحة عامة لكان من ورائها فساد لغوي كبير. لكن لا مانع منها إذا اشتهر اللفظ المذكر في عصره وشاع المراد منه شيوعا لا خفاء فيه، ولا لبس معه، كالذي يجري في أيامنا من تسمية بعض الصحف، المجلات بأسماء مذكرة؛ مثل: الهلال، والعربي، والمنبر ... من أسماء المجلات الأدبية، ومثل: المقطم، والمساء، والبلاغ ... من أسماء الصحف اليومية؛ فينطبق عليها الأمران السالفان، فيقال: ظهر الهلال، أو ظهرت الهلال. وكذا الباقي حيث يلاحظ التذكير أو التأنيث في كل.
ولعل هذا الرأي أنسب وأنفع من الآراء القديمة الأخرى، التي منها الحكم المطلق بالخطأ على تذكير المؤنث -كما يفهم من "الموشح" ص٢٧٩ منسوبا للكسائي زعيم الكوفيين- ومنها رأي ابن جني في كتابه "الخصائص" -ج٢ ص٤١٥- حيث يقول: "تذكير المؤنث واسع جدا ... " وحيث يفهم من بحثه أن تأنيث المذكر قليل..
٢ إيضاح هذا مدون في موضعه من باب الإضافة "ج٣ ص٥١ م٩٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>