للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زيادة وتفصيل:

١- تبنى النكرة المقصودة على الضم وجوبا إذا كانت غير موصوفة مطلقا١ "أي: لا قبل النداء، ولا بعده". فإن دلت قرينة واضحة -أي قرينة؛ لفظية، أو غير لفظية- على أنها كانت قبله موصوفة بنعت مفرد، أو غير مفرد؛ فالأغلب الحكم بوجوب نصبها مباشرة؛ إذ قد اتصل بها شيء تمم معناها، ولم تقتصر على لفظها وحده، فدخل عليها النداء وهي متصلة بما يتممها؛ وبسببه تخرج من قسم النكرة المقصودة إلى قسم الشبيه بالمضاف، وهو واجب النصب ... مثال هذا أن تخاطب: "شاهدتك من بعيد قادما علينا، ويبدو أنك رجل غريب. فيا رجلا غريبا ستكون بيننا عزيزا". فالنكرة الكلام السابق عليها. ومن الأمثلة للنعت بالجملة أن تسمع: "سيزورنا اليوم وفد نعزه ... " فتقول: يا وفدا فعزه نحن في شوق لرؤيتك. ويصح: يا وفدا من بلاد عزيزة ... أو يا وفدا أمامنا إذا كانت الصفة قبل النداء شبه جملة. ومن هذا أبيات الشاعر التي أنشأها حين قيل له: هذا شرع وراء دجلة تعبث به الرياح؛ فقال أبياته التي مطلعها:

يا شراعا وراء دجلة يجري ... في دموعي، تجنبتك العوادي

ومن الأمثلة المسموعة التي لها قرائن معنوية تدل على النكرة وصفت قبل النداء ما حكاه الفراء عن العرب في مشهور بالكرم: يا رجلا كريما أقبل. وقوله عليه السلام: يا عظيما٢.


١ في هذه الصورة يصح وصف المعرفة بالنكرة، "طبقات للبيان الآتي هنا وفي "د - ص٣٠" كذلك في رقم ٢ من هامش ص٤٤". ولا تبنى النكرة المقصودة التي من الأعداد المتعاطفة "انظر ص٣٣".
٢ في هذا المثال -وأشباهه- مما يقع فيه المنادى نكرة مشتقة متحملة الضمير وبعدها جملة -يرى ابن هشام إعراب هذه الجملة حالا من الضمير المستقر في المنادى المشتق، وليست نعتا؛ لأن النعت لا يكون معمولا للمنعوت المشتق- ويكون المشتق هو العامل الذي نصب جملة الحال؛ فهي من معمولاته التي تتم معناه. ويترتب على هذا عنده أن يكون المنادى من نوع الشبيه بالمضاف، وليس من قسم النكرة المقصودة التي تنصب. بشرط ألا يثبت أن الوصوف متأخر عن النداء -كما سبق.
ويخالفه ابن مالك في تلك الصورة فيرى أن الجملة نعت -برغم تنكيرها حكما- لا حال، ولعل السبب عنده أن العامل في النعت هو "يا" أو ما نابت عنه، ولا شأن للمنادى بالعمل؛ فليست الجملة من معمولاته ولا مما يقتضي أن يكون من قسم الشبيه بالمضاف. ورأي ابن مالك أوضح وأيسر، ورأي ابن هشام أدق.
فإن كان المنادى نكرة جامدة فهي خالية من الضمير، ولا مكان -في الغالب- لمجيء الجملة أو شبهها حالا منه، ويتعين إعرابها صفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>