للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان زريق الفزاريّ يمر بالليل وهو شارب، فيشتم أهل المجلس، فلما أن كان بالغداة عاتبوه، قال: نعم، زنيت أمهاتكم فماذا عليكم؟

قالوا: وخطب يوما عتاب بن ورقاء فقال: هذا كما قال الله تبارك وتعالى:

«إنما يتفاضل الناس عما لهم، وكل ما هو آت قريب» . قالوا له: إن هذا ليس من كتاب الله! قال: ما ظننت إلا أنه من كتاب الله.

قال: وخطب عدي بن وتّاد الأيادي فقال: أقول كما قال العبد الصالح:

(ما رأيكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد) . قالوا له: ليس هذا من قول عبد صالح، إنما هو من قول فرعون. قال: ومن قاله فقد أحسن! وقال أعرابي:

خلق السماء وأهلها في جمعة ... وأبوك يمدر حوضه في عام «١»

وقالوا: وكان عبد الملك بن مروان أول خليفة من بني أمية منع الناس من الكلام عند الخلفاء، وتقدّم فيه وتوعّد عليه، وقال: إن جامعة عمرو بن سعيد بن العاصي عندي، وإني والله لا يقول أحد هكذا إلا قلت به هكذا.

وفي خطبة له أخرى: إني والله ما أنا بالخليفة المستضعف (وهو يعني عثمان بن عفان رحمه الله) ، ولا أنا بالخليفة المداهن (يعني معاوية) ، ولا أنا بالخليفة المأبون (يعني يزيد بن معاوية) .

قال أبو اسحاق: والله لولا نسبك من هذا المستضعف، وسببك من هذا المداهن، لكنت منها أبعد من العيّوق «٢» . والله ما أخذتها من جهة الميراث ولا من جهة السابقة، ولا من جهة القرابة، ولا تدعي شورى ولا وصية.

<<  <  ج: ص:  >  >>