تكرره في الآية وفي اللفظة المذكورة؛ لأنه لم يذكر في صدر البيت إلا في نفي رؤية مثله ومثل جيرانه، ولم يبين في ماذا، ولا هذه المثلية والمشابهة في أي شيء، فمن الممكن أنه كان يعني أر مثلي ومثلهم في حب بعضنا لبعض، أو في بغض بعضنا لبعض، أو في جودنا لم أر مثلي، ومثلهم في حب بعضنا لبعض، أو في بغض بعضنا لبعض، أو في جودنا أو في شجاعتنا، أو في ديانتنا، فلما قال في عجز البيت "لمثلي عند مثلهم مقام" كشف ذلك الإجمال، وأزال ذلك الإبهام، وأبان عن أن مراده لم أر مثلي مقيما بين ظهراني مثلهم، يعني أنهم على غاية الإساءة لعشرته، وأنه على غاية الصبر عليهم، والاحتمال لهم، وأن مقامه عظيم لا يصلح أن يكون مثله مقيما بين هؤلاء الرعاع.
فالشاعر لم يكرر كما تكررت ألفاظ الآية، ولا وجد اللفظ والمعنى معا مرددين مكررين في هذا البيت، ولكن أول ألفاظه يعطي معنى مجملا، والثاني يعطي معنى مفصلا، وهو شرح ذلك المجمل، فلم يكن ذلك تكريرا مشتملا على إعادة اللفظ والمعنى معا، فلم يجز إدخاله في هذا القسم، وذكره في جملة أمثلته.
١٢٢- قال المصنف: فأما قوله تعالى: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} فليس كما يتوهم من أنه تكرير فقط، بل المراد به إيجاب صوم الأيام السبعة عند الرجوع في الطريق على الفورلا عند الوصول إلى البلد، كما ذهب إليه بعض الفقهاء، وقال: لأن الأمر إذا صدر بلفظ التكرير مجردا عن قرينة تخرجه عن وصفه، ولم يكن مؤقتا بوقت معين،