قال: والقسم الثاني لا يظهر فيه الحذف، لأن هناك منصوبا يدل عليه، بل بالنظر إلى ملاءمة الكلام، كقوله تعالى:{وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ} وكقوله: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} وكقوله: {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ} فتقدير ذلك كله: وقلنا لقد جئتمونا، وقلنا أذهبتم طيباتكم، وقلنا وإن جاهداك١.
أقول: لا فرق بين هذا القسم وبين قوله إلا بأن تصغي وأحكي؛ لأنه لو أظهر "وقلنا" لكان ما بعده منصوبا لأنه مفعول به، كما لو أظهر المفعول فقال ولا أرضى شيئا إلا بأن تصغي، فالقول ينصب ما بعده إذا كان كلا مقولا كما ينصب الفعل مفعوله، وكما أن موضع "لقد جئتمونا" هو المنصوب لا لفظه، ولا فصل بين الموضعين، فدعواه أن هذه الآيات علم الحذف منها بالنظر إلى ملاءمة الكلام لا بأن في الكلام مفعولا يدل على حذف الفاعل، وأن قوله "ولا إلا أن تصغي وأحكي" خلاف ذلك دعوى غير مقبولة.
١٢٠-
لو كنت من مازن لم تستبح إبلي ... بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا
إذا لقام بنصري معشر خشن ... عن الحفيظة إن ذو لوثة لانا