للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

١١٦- قال المصنف: بعد أن ذكر آيات كثيرة من الكتاب العزيز تتضمن حذف جمل مفيدة وغير مفيدة: ومن هذا الباب قوله تعالى: {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ، قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا} لأن الأمر بتفكيره لا يكون إلا بعد أن جيء به إليه١.

أقول: تقدير هذا الحذف غير محتاج إليه في هذه الآية؛ لأنا إن جعلنا الضمير في "رآه وفي عنده" راجعا إلى الذي عنده علم من الكتاب جعلنا الضمير في "قال نكروا لها" راجعا إلى سليمان، فيكون تقدير الكلام: فلما رأى الرجل الذي عنده علم من الكتاب عرش بلقيس مستقرا عنده، قال: هذا من فضل ربي إلى آخر الآية، ثم هذا يحكي قول سليمان "نكروا لها عرشها" فلا تحتاج الآية إلى حذف ولا إضمار.

وإن جعلنا الضمائر كلها راجعة إلى سليمان لم يحتج أيضا إلى الحذف الذي ذكره، بل يكون قوله نكروا لها عرشها إما معطوفا حذف منه حرف العطف، تقديره وقال نكروا لها عرشها، كما قال: {لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} ٢


١ المثل السائر: ٢/ ٢٩٣.
٢ سورة آل عمران: ١١٣.

<<  <   >  >>