للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أقول إن فعيلا وإن لم ينص العرب على أنه للمبالغة فقد نبهوا على ذلك باستعمالهم إياه خبرا عن الجماعة، وإجراء صفته المذكر والمؤنث، أما كونه خبرا عن الجماعة فنحول قول جرير:

جلون العيون النجل ثم رميننا ... بأعين أعداء وهن صديق١

ومثله في الخبر قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِين} ٢، ولم يقل قريبة.

وإذا وصف به المذكر والمؤنث ووقع خبرا عن الجماعة صار كالمصادر الواقعة للأجناس المشترك في الوصف بها المفرد والمع والمذكر والمؤنث، نحو قولهم رجل فطر وامرأة فطر ورجال فطر ونساء فطر، ومثل هذا لم يجئ في وزن فاعل، وعلة ذلك أن فعيلا أشبه فعولا، لأنه صفة مثله وثالثه حرف مد، وفعول قد وقع للجمع والمفرد والمذكر والمؤنث بلفظ واحد، قال الله تعالى: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِين} ٣ فعدو فعول، وقد أخبر به عن الجماعة، أي أنهم لي أعداء.


١ البيت في الديوان "٣٦٨":
دعون الهوى ثم ارتمين قلوبنا ... بأسهم أعداء وهن صديق
من قصيدته في مدح الحجاج التي مطلعها:
بت أرائي صاحبي تجلدا ... وقد علقتني من هواك علوق
٢ سورة الأعراف: ٥٦.
٣ سورة الشعراء: ٢٧.

<<  <   >  >>