للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولا منافاة بين أن يراد الاختصاص وتراد الفضيلة السجعية معا.

وأما قوله: فهلا ذكر الدرك الأسفل من النار؟ فيقال له لم لا يكون الدرك الأسفل هو الجحيم بعينه أيضا؟ ولم يكون الجحيم أشد إحراقا وتعذيبا من الدرك الأسفل؟ وليس في قوله إن المنافقين في الدرك الأسفل ما يقتضي أن يكون هذا الموضع أشد المواضع النارية إحراقا، فالجواز أن يكون غير المنافقين أشد عذابا منهم، وأيضا فلو كان الدرك الأسفل أهول وأصعب لم يلزم ما ذكره؛ لأن الترغيبات والترهيبات تذكر على حسب ما يراه المتكلم من المصلحة، وقد رهب ورغب بأشياء غيرها أبلغ في الترهيب والترغيب منها.

ألا ترى أنه لو قال عوض قوله تعالى: {فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَد} ١ في جيدها ثعبان من نار لكان أرهب وأزعج، ولم يقل ذلك.

وأما قوله إن الطلاوة في لفظة فقط دون غيرها من الألفاظ فإنه يقال: له قد قلت ذلك، ومعلوم أنه لو بدل عوض الجحيم السعير لكان على عدد حروفها أو وزنها، ولا يتغير انتظام الكلام وأسلوبه باستعمالها حسب استعمال لفظ الجحيم حذو القذة بالقذة٢.


١ سورة المسد.
٢ القذة بضم القاف الريشة المقذوذة، يقال حذو القذة بالقذة "أساس البلاغة مادة قذ".

<<  <   >  >>