للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليكم حقا، وإن لأعينكم حقا، صوموا وأفطروا، وصلوا وناموا، فليس منا من ترك سنتنا فقالوا: اللهم سلمنا واتبعنا ما أنزلت (١).

وقوله: وبين التشبيه والتعطيل، تقدم أن الله يحب أن يوصف بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله، من غير تشبيه، فلا يقال: سمع كسمعنا، ولا بصر كبصرنا، ونحوه، ومن غير تعطيل، فلا ينفي عنه ما وصف به نفسه، أو وصفه به أعرف الناس (٢) به، رسوله ، فإن ذلك تعطيل، وقد تقدم الكلام في هذا المعنى، ونظير هذا القول قوله: ومن لم يتوق النفي والتشبيه، زل ولم يصب التنزيه، وهذا المعنى مستفاد من قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]. فقوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١]، رد على المشبهة، وقوله: وهو ﴿السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]، رد على المعطلة.

وقوله: وبين الجبر والقدر، تقدم الكلام أيضا على هذا المعنى، وأن العبد غير مجبور على أفعاله وأقواله، وأنها "ليست" بمنزلة حركات المرتعش وحركات الأشجار بالرياح وغيرها، وليست مخلوقة للعباد، بل هي فعل العبد وكسبه وخلق الله تعالى.

وقوله: وبين الأمن والإياس تقدم الكلام أيضا على هذا المعنى، وأنه يجب أن يكون العبد خائفا من عذاب ربه، راجيا رحمته، وأن الخوف والرجاء بمنزلة الجناحين للعبد، في سيره إلى الله تعالى والدار الآخرة.

قوله: "فهذا ديننا واعتقادنا ظاهرا وباطنا، ونحن براء إلى الله تعالى من كل من خالف الذي ذكرناه وبيناه، ونسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإيمان، ويختم لنا به، ويعصمنا من الأهواء المختلفة، والآراء المتفرقة، والمذاهب الردية، مثل المشبهة، والمعتزلة، والجهمية، والجبرية، والقدرية، وغيرهم، من الذين خالفوا السنة والجماعة، وحالفوا الضلالة، ونحن منهم براء، وهم عندنا ضلال وأردياء. وبالله العصمة والتوفيق".


(١) ضعيف بهذا السياق، وهو مرسل.
(٢) في الأصل: الخلق.

<<  <   >  >>