للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن عمر بن عبد العزيز بعث محمد بن الزبير الحنظلي إلى الحسن، فقال: هل كان النبي استخلف أبا بكر؟ فقال: أو في شك صاحبك؟ نعم، والله الذي لا إله إلا هو استخلفه، لهو كان أتقى لله من أن يتوثب عليها.

وفي الجملة: فجميع من نقل عنه أنه طلب تولية غير أبي بكر، لم يذكر حجة شرعية، ولا ذكر أن غير أبي بكر أفضل منه، أو أحق بها، وإنما نشأ من حب قبيلته وقومه فقط، وهم كانوا يعلمون فضل أبي بكر ، وحب رسول الله له. ففي "الصحيحين"، عن عمرو بن العاص: أن رسول الله بعثه على جيش ذات السلاسل، فأتيته، فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: "عائشة"، قلت: من الرجال؟ قال: "أبوها"، قلت: ثم من؟ قال: "عمر"، وعد رجالا (١). وفيهما أيضا، عن أبي الدرداء، قال: كنت جالسا عند النبي ، إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه، حتى أبدى عن ركبتيه، فقال النبي : "أما صاحبكم فقد غامر"، فسلم، وقال: [يا رسول الله]، إنه كان بيني وبين ابن الخطاب شيء فأسرعت إليه، ثم ندمت، فسألته أن يغفر لي [فأبى علي، فأقبلت إليك]، فقال: "يغفر الله لك يا أبا بكر" ثلاثا، ثم إن عمر ندم، فأتى منزل أبي بكر، فسأل: أثم أبو بكر؟ فقالوا: لا، فأتى إلى النبي ، [فسلم عليه]، فجعل وجه النبي يسفر، حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه، فقال: يا رسول الله، والله أنا كنت أظلم، مرتين، فقال النبي : "إن الله بعثني إليكم، فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدق، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي؟ " مرتين، فما أوذي بعدها (٢). ومعنى: غامر: غاضب وخاصم. ويضيق هذا المختصر عن ذكر فضائله.

وفي "الصحيحين" أيضا، عن عائشة : أن رسول الله


(١) صحيح، وهو في "كتاب السنة" لابن أبي عصم من طرق عن عمرو "١٢٣٣ - ١٢٣٦".
(٢) البخاري عن أبي الدرداء، ولم أره عند مسلم، ولم يعزه إليه في "الذخائر"، ولا في "الجامع الكبير" ورواه ابن أبي عاصم "١٢٢٣" مقتصرا على المرفوع منه.

<<  <   >  >>