للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

﴿لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا﴾ [النبأ: ٢٣]. قالوا: والنار موجب غضبه، والجنة موجب رحمته. وقد قال : "لما قضى الله الخلق، كتب كتابا، فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي سبقت غضبي" (١). وفي رواية: "تغلب غضبي". رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة . قالوا: والله سبحانه يخبر عن العذاب أنه: ﴿عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [الأنعام:١٥]. و ﴿أَلِيمٌ﴾ [هود: ٢٦]. و ﴿عَقِيمٌ﴾ [الحج: ٥٥]. [ولم يخبر] ولا في موضع واحد عن النعيم أنه نعيم يوم. وقد قال تعالى: ﴿عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ (٢) وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف: ١٥٦]. وقال تعالى حكاية عن الملائكة: ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا﴾ [غافر: ٧]. فلا بد أن تسع رحمته هؤلاء المعذبين، فلو بقوا في العذاب لا إلى غاية لم تسعهم رحمته، وقد ثبت في "الصحيح" تقدير يوم القيامة بخمسين ألف سنة (٣)، والمعذبون فيها متفاوتون في مدة لبثهم في العذاب بحسب جرائمهم،


= ومثل حديثه المرسل في إبطال الوضوء بالقهقهة، وهو ضعيف باتفاق المحدثين!.
سامح الله ابن القيم وغفر له، فإنه بتصحيحه لمثل هذا الأثر عن عمر يفتح بابا كبيرا لبعض الفرق الضالة يلجون فيه إلى تأييد ضلالهم، كالقاديانية، فإن من خلالهم القول بفناء النار، وانتهاء عذاب الكفار، كما بينته في "السلسلة" المشار إليها، عند الكلام على الحديث الذي في معنى هذا الأثر، وكنت أشرت إليه في الكلام على هذا الأثر، فلما وقفت على إسناده تكلمت عليه بتفصيل، وألحقته بالحديث المشار إليه.
وجملة القول: أن هذا الأثر لا يصح عن عمر، كما لا يصح عن غيره مرفوعا، والله ولي التوفيق. وراجع هذا البحث كتاب "رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار". للعلامة الصنعاني بتقديمي وتعليقي.
وقد روي نحوه عن عبد الله بن عمرو موقوفا بسنده ضعيف، وأبي أمامة مرفوعا بسند فيه تالف، وقد تكلمت عليه في "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" كما تقدم قريبا.
(١) متفق عليه وقد تقدم الحديث "رقم ٣٠٨".
(٢) قال عفيفي: انظر "٢٥٤ - ٢٧٩" من "حديث الأرواح".
(٣) صحيح أخرجه مسلم في حديث لأبي هريرة في عقوبة مانع الزكاة يوم القيامة. وفي الباب عن ابن عمرو عند الحاكم "٤/ ٥٧٢" وصححه ووافقه الذهبي.

<<  <   >  >>