للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدارقطني أيضا وأبو داود، عن مكحول، عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله : "الصلاة واجبة عليكم مع كل مسلم، برا كان أو فاجرا، وإن عمل بالكبائر، والجهاد واجب عليكم مع كل أمير، برا كان أو فاجرا، وإن عمل الكبائر" (١). وفي صحيح البخاري: أن عبد الله بن عمر كان يصلي خلف الحجاج [بن يوسف] الثقفي، وكذا أنس بن مالك، وكان الحجاج فاسقا ظالما. وفي صحيحه أيضا، أن النبي قال: "يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم ولهم، وأن أخطئوا فلكم وعليهم" (٢). وعن عبد الله بن عمر ، أن رسول الله قال: "صلوا خلف من قال لا إله إلا الله، وصلوا على من مات من أهل لا إله إلا الله" (٣). أخرجه الدارقطني من طرق، وضعفها.

اعلم، رحمك الله وإيانا: أنه يجوز للرجل أن يصلي خلف من لم يعلم منه بدعة ولا فسقا، باتفاق الأئمة، وليس من شرط الائتمام أن يعلم المأموم اعتقاد إمامه، ولا أن يمتحنه، فيقول: ماذا تعتقد؟! بل يصلي خلف المستور الحال، ولو صلى خلف مبتدع يدعو إلى بدعته، أو فاسق ظاهر الفسق، وهو الإمام الراتب الذي لا يمكنه الصلاة إلا خلفه، كإمام الجمعة والعيدين، والإمام في صلاة الحج بعرفة، ونحو ذلك، فإن المأموم يصلي خلفه، عند عامة السلف والخلف، ومن ترك الجمعة والجماعة خلف الإمام الفاجر، فهو مبتدع عند أكثر العلماء. والصحيح أنه يصليها ولا يعيدها، فإن الصحابة كانوا يصلون الجمعة والجماعة خلف الأئمة الفجار ولا يعيدون، كما كان عبد الله بن عمر يصلي خلف الحجاج بن يوسف، وكذلك أنس ، كما تقدم، وكذلك عبد الله بن مسعود وغيره يصلون خلف الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وكان يشرب الخمر، حتى إنه صلى بهم الصبح مرة أربعا، ثم قال: أزيدكم؟! فقال له ابن مسعود: ما زلنا معك منذ اليوم في زيادة!! وفي "الصحيح": أن عثمان بن عفان رضي الله


(١) ضعيف أيضا للعلة المذكورة، وهو مخرج في "الإرواء" "٥٢٧".
(٢) صحيح، رواه أحمد أيضا، وهو في "مختصر البخاري" برقم "٣٨٣".
(٣) ضعيف.

<<  <   >  >>