للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْغُفْرَانُ الْمُعَلَّقُ بِالْمَشِيئَةِ هُوَ غُفْرَانَ الذُّنُوبِ سِوَى الشِّرْكِ بِاللَّهِ [قَبْلَ التَّوْبَةِ].

وَقَوْلُهُ: ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ مَوْلَى أَهْلِ مَعْرِفَتِهِ, فِيهِ مُؤَاخَذَةٌ لَطِيفَةٌ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَوْلُهُ: اللَّهُمَّ يَا وَلِيَّ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ مَسِّكْنَا بِالْإِسْلَامِ، وَفِي نُسْخَةٍ: ثَبِّتْنَا عَلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى نَلْقَاكَ بِهِ, رَوَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْأَنْصَارِيُّ فِي كِتَابِهِ "الْفَارُوقِ"، بِسَنَدِهِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يَا وَلِيَّ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، مَسِّكْنِي بِالْإِسْلَامِ حَتَّى أَلْقَاكَ عَلَيْهِ"١. وَمُنَاسِبَةُ خَتْمِ الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ بِهَذَا الدُّعَاءِ ظَاهِرَةٌ. وَبِمِثْلِ هَذَا الدُّعَاءِ دَعَا يُوسُفُ الصِّدِّيقُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، حَيْثُ قَالَ: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يُوسُفَ: ١٠١]. وَبِهِ دَعَا السَّحَرَةُ الَّذِينَ كَانُوا أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِمُوسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ، حَيْثُ قَالُوا: {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} [الْأَعْرَافِ: ١٢٦]. وَمَنِ اسْتَدَلَّ بِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ عَلَى جَوَازِ تَمَنِّي الْمَوْتِ فَلَا دَلِيلَ لَهُ فِيهِ، فَإِنَّ الدُّعَاءَ إِنَّمَا هُوَ بِالْمَوْتِ عَلَى الْإِسْلَامِ، لَا بِمُطْلَقِ الْمَوْتِ، وَلَا بِالْمَوْتِ الْآنَ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ.

قَوْلُهُ: "وَنَرَى الصَّلَاةَ خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ مِنْ أهل القبلة، وعلى من مات منهم".

ش: قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَلُّوا خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ"٢. رَوَاهُ مَكْحُولٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، قَالَ: مَكْحُولٌ لَمْ يَلْقَ أَبَا هُرَيْرَةَ. وَفِي إِسْنَادِهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، مُتَكَلَّمٌ فِيهِ، وَقَدِ احْتَجَّ به مسلم في صحيحه. وخرج له


١ أخرجه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختار" "ق ١٥٠/ ١" رواه من طريق الطبراني بسنده عن أنس بن مالك به, وهو إسناد جيد، كما حققته في "الأحاديث الصحيحة" "١٨٣٣" وراجع مقدمة الطبعة الثالثة ص٦.
٢ ضعيف، علته الانقطاع بين مكحول وأبي هريرة، وهو مخرج في "ضعيف مسند أبي داود" "٩٧".

<<  <   >  >>