للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا بد أن يقولوا: لا إله إلا الله قائمين بحقها، ولا يكون قائما بـ"لا إله إلا الله" حق القيام، إلا من صدق بالرسالة، وكذا من شهد أن محمدا رسول الله، [لا يكون قائما بهذه الشهادة حق القيام، إلا من صدق هذا الرسول في كل ما جاء به، فتضمنت التوحيد وإذا ضممت شهادة أن لا إله إلا الله إلى شهادة أن محمدا رسول الله]، كان المراد من شهادة أن لا إله إلا الله ثبات التوحيد، ومن شهادة أن محمدا رسول الله إثبات الرسالة، كذلك الإسلام والإيمان: إذا قرن أحدهما بالآخر، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [الأحزاب: ٣٥]، وقوله : "اللهم لك أسلمت وبك آمنت" (١): كان المراد من أحدهما غير المراد من الآخر، وكما قال : "الإسلام علانية، والإيمان في القلب" (٢). وإذا انفرد أحدهما شمل معنى الآخر وحكمه، وكما في الفقير والمسكين ونظائره، فإن لفظي الفقير والمسكين إذا اجتمعا افترقا، فهل يقال في قوله تعالى: ﴿إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ﴾ [المائدة: ٨٩]، أنه يعطي المقل دون المعدم، أو بالعكس؟ وكذا في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٧١].

ويندفع أيضا تشنيع من قال: ما حكم من آمن ولم يسلم؟ أو أسلم ولم يؤمن؟ في الدنيا والآخرة؟ فمن يثبت لأحدهما حكما ليس بثابت للآخر ظهر بطلان قوله! ويقال له في مقابلة تشنيعه: أنت تقول: المسلم هو المؤمن، والله تعالى يقول: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [الأحزاب: ٣٥] فجعلهما غيرين، وقد قيل لرسول الله : مالك عن فلان والله إني لأراه مؤمنا؟ قال: "أو مسلما" (٣)، قالها ثلاثا، فأثبت له الإسلام وتوقف في اسم الإيمان، فمن قال: هما سواء كان مخالفا، والواجب رد موارد النزاع إلى الله ورسوله، وقد يتراءى في بعض النصوص معارضة، ولا معارضة بحمد الله تعالى، ولكن الشأن في التوفيق، وبالله التوفيق.


(١) متفق عليها، كما تقدم قريبا "ص ٣٤٨".
(٢) ضعيف كما سبق آنفا بالحديث "رقم ٤٢٧".
(٣) متفق عليه من حديث سعد بن أبي وقاص.

<<  <   >  >>