للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للنبي ! أو: أن بعض الملائكة خدام بني آدم!! يعنون الملائكة الموكلين بالبشر، ونحو ذلك من الألفاظ المخالفة للشرع، المجانبة للأدب. والتفضيل إذا كان على وجه التنقص أو الحمية والعصبية للجنس؛ لا شك في رده، وليس هذه [المسألة] نظير المفاضلة بين الأنبياء، فإن تك قد وجد فيها نص، وهو قوله تعالى: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ [البقرة: ٢٥٣] الآية. وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ﴾ [الإسراء: ٥٥]. وقد تقدم الكلام في ذلك عند قول الشيخ: وسيد المرسلين، يعني النبي . والمعتبر رجحان الدليل، ولا يهجر القول لأن بعض أهل الأهواء وافق عليه، بعد أن تكون المسألة مختلفا فيها بين أهل السنة، وقد كان أبو حنيفة يقول أولا بتفضيل الملائكة على البشر، ثم قال بعكسه، والظاهر أن القول بالتوقف أحد أقواله، والأدلة في هذه المسألة من الجانبين إنما تدل على الفضل، لا على الأفضلية، ولا نزاع في ذلك، وللشيخ تاج الدين الفزاري مصنف سماه الإشارة في البشارة في تفضيل البشر على الملك، قال في آخره: اعلم أن هذه المسألة من بدع علم الكلام، التي لم يتكلم فيها الصدر الأول من الأمة، ولا من بعدهم من أعلام الأئمة، ولا يتوقف عليها أصل من أصول العقائد، ولا يتعلق بها من الأمور الدينية كبير من المقاصد، ولهذا خلا عنها طائفة من مصنفات هذا الشأن، وامتنع من الكلام فيها جماعة من الأعيان، وكل متكلم فيها من علماء الظاهر بعلمه، لم يخل كلامه عن ضعف واضطراب. انتهى والله الموفق للصواب.

فما استدل به على تفضيل الأنبياء على الملائكة: أن الله أمر الملائكة أن يسجدوا لآدم، وذلك دليل على تفضيله عليهم، ولذلك امتنع إبليس واستكبر وقال، ﴿قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ﴾ [الإسراء: ٦٢]. قال الآخرون: إن سجود الملائكة كان امتثالا لأمر ربهم، وعبادة [وانقيادا] وطاعة له، وتكريما لآدم وتعظيما، ولا يلزم من ذلك الأفضلية، كما لم يلزم من سجود يعقوب لابنه تفضيل ابنه عليه، ولا تفضيل الكعبة على بني آدم بسجودهم إليها امتثالا


قال عفيفي: انظر ص ٣٥٠ وما بعده من ج ٤ من "مجموع الفتاوى" لابن تيمية.

<<  <   >  >>