للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مجوس هذه الأمة، إن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم" (١). وروى أبو داود أيضا عن حذيفة بن اليمان ، قال: قال رسول الله : "لكل أمة مجوس، ومجوس هذه الأمة الذين يقولون: لا قدر، من مات منهم فلا تشهدوا جنازته، ومن مرض منهم فلا تعودوهم، وهم شيعة الدجال، وحق على الله أن يلحقهم بالدجال" (٢). وروى أبو داود أيضا عن عمر بن الخطاب ، عن النبي ، قال: "لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم" (٣). وروى الترمذي عن ابن عباس ، قال: قال رسول الله : "صنفان من بني آدم ليس لهم في الإسلام نصيب: المرجئة والقدرية" (٤). لكن كل أحاديث القدرية المروعة ضعيفة. وإنما يصح الموقوف منها: فعن ابن عباس أنه قال: القدر نظام التوحيد، فمن وحد الله وكذب بالقدر نقض تكذيبه توحيده (٥). وهذا لأن الإيمان بالقدر يتضمن الايمان بعلم الله القديم وما أظهر من علمه الذي لا يحاط به وكتابة مقادير الخلائق. وقد ضل في هذا الموضع خلائق من المشركين والصابئين والفلاسفة وغيرهم، ممن ينكر علمه بالجزئيات أو بغير ذلك، فإن ذلك كله مما يدخل في التكذيب بالقدر، وأما قدرة الله على كل شيء فهو الذي يكذب به القدرية جملة، حيث جعلوه لم يخلق أفعال العباد، فأخرجوها عن قدرته وخلقه.

والقدر، الذي لا ريب في دلالة الكتاب والسنة والإجماع عليه، وأن الذي جحدوه هم القدرية المحضة بلا نزاع: هو ما قدره الله من مقادير العباد. وعامة ما


(١) إسناده ضعيف لكن له طرق يتقوى بها. ثم خرجته في "ظلال الجنة في تخريج السنة" برقم "٣٣٨ - ٣٤٢".
(٢) إسناده ضعيف: وقد خرجته في المصدر المذكور برقم "٣٢٩".
(٣) إسناده ضعيف، وهو مخرج في "المشكاة" "١٠٨" و"الظلال" "٣٣٠".
(٤) إسناده ضعيف ولا يغتر بتصحيح صاحب "التاج الجامع للأصول" إياه، ثم خرجته في "تخريج السنة" "٣٤٤، ٣٤٥".
(٥) ضعيف موقوفا ومرفوعا كما سبق بيانه "رقم ٢٤٥".

<<  <   >  >>