للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١]، ونفي الصفات كفر، فان الله تعالى يقول: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]. وهذا أصل نوعي التشبيه، فإن التشبيه نوعان: تشبيه الخالق بالمخلوق، وهذا الذي يتعب أهل الكلام في رده وإبطاله، وأهله في الناس أقل من النوع الثاني، الذين هم أهل تشبيه المخلوق بالخالق، كعباد المشايخ، وعزير، والشمس والقمر، والأصنام، والملائكة، والنار، والماء، والعجل، والقبور، والجن، وغير ذلك. وهؤلاء هم الذين أرسلت لهم الرسل يدعونهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له.

قوله: "فإن ربنا جل وعلا موصوف بصفات الوحدانية، منعوت بنعوت الفردانية، ليس في معناه أحد من البرية".

ش: يشير الشيخ إلى تنزيه الرب تعالى بالذي هو وصفه كما وصف نفسه نفيا وإثباتا، وكلام الشيخ مأخوذ من معنى سورة الإخلاص، فقوله: موصوف بصفات الوحدانية مأخوذ من قوله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ [الإخلاص: ١، ٢]. وقوله: منعوت بنعوت الفردانية من قوله تعالى: ﴿اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾ [الإخلاص: ٢، ٣]. وقوله: ليس في معناه أحد من البرية من قوله تعالى: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ٤]. وهو أيضا مؤكد لما تقدم من إثبات الصفات ونفي التشبيه، والوصف والنعت مترادفان، وقيل: متقاربان. فالوصف للذات، والنعت للفعل، وكذلك الوحدانية والفردانية، وقيل في الفرق بينهما: إن الوحدانية للذات، والفردانية للصفات، فهو تعالى موحد في ذاته، منفرد بصفاته، وهذا المعنى حق ولم ينازع فيه أحد، ولكن في اللفظ نوع تكرير، وللشيخ نظير هذا التكرير في مواضع من العقيدة، وهو بالخطب والأدعية أشبه منه بالعقائد، والتسجيع (١) بالخطب أليق. و ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١]. أكمل في التنزيه من قوله: ليس في معناه أحد من البرية.


(١) التسجيع، بالسين المهملة، يعني: السجع.

<<  <   >  >>