للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: "ما زال بصفاته قديما قبل خلقه، لم يزدد بكونهم شيئا لم يكن قبلهم من صفته، وكما كان بصفاته أزليا، كذلك لا يزال عليها أبديا".

ش: أي: أن الله لم يزل متصفا بصفات الكمال: صفات الذات وصفات الفعل، ولا يجوز أن يعتقد أن الله وصف بصفة بعد أن لم يكن متصفا بها، لأن صفاته سبحانه صفات كمال، وفقدها صفة نقص، ولا يجوز أن يكون قد حصل له الكمال بعد أن كان متصفا بضده، ولا يرد على هذه صفات الفعل والصفات الاختيارية ونحوها، كالخلق والتصوير، والإماتة والإحياء، والقبض والبسط والطي، والاستواء والإتيان والمجيء، والنزول، والغضب والرضى، ونحو ذلك مما وصف به نفسه ووصفه به رسوله، وإن كنا لا ندرك كنهه وحقيقته التي هي تأويله، ولا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا، ولا متوهمين بأهوائنا، ولكن أصل معناه معلوم لنا، كما قال الإمام مالك ، لما سئل عن قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [سورة الأعراف: ٥٤] وغيرها: كيف استوى؟ فقال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول (١). وإن كانت هذه الأحوال تحدث في وقت دون وقت، كما في حديث الشفاعة: "إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله" (٢)؛ لأن هذا الحدوث بهذا


= لك الحمد، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، فلما انصرف قال: "من المتكلم؟ " قال: أنا، قال: "رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول". ورواه الترمذي "٢/ ٢٥٤ - ٢٥٥"، والنسائي "١/ ١٤٧" من طريق أخرى عن رفاعة به نحوه بلفظ: "لقد ابتدرها بضعة وثلاثون ملكا أيهم يصعد بها"، وقال الترمذي: حديث حسن. قلت: وإسناده جيد، وله شاهد من حديث عبد الله بن أبي أوفى نحوه وفيه: "والله قد رأيت كلامك يصعد في السماء حتى فتح باب فدخل فيه"، أخرجه أحمد "٤/ ٣٥٥، ٣٥٦" وابنه في زوائده، ورجاله ثقات غير عبد الله بن سعيد، ذكره ابن حبان في "الثقات" "١/ ١٠٤ - ١٠٥".
(١) اقتصر المؤلف من جواب الإمام مالك على هذا، وتتمته: "والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة" يعني السؤال عن كيفية الاستواء، وقوله: "معلوم" هذا هو الثابت في جواب مالك ، وأما ما يلهج به بعض المبتدعة أنه بلفظ: "مذكور" فلا أصل له، كما بينته في "مختصر العلو" "ص ١٤٢ - طبع المكتب الإسلامي".
(٢) هو في "الصحيحين" وغيرهما وسيأتي بتمامه ص ٢٢٩.

<<  <   >  >>