للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَطَاءٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا مُبَارَكٌ أَبُو حَمَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، يَقْرَأُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ: " يَا أَخِي اطْلُبِ الْعِلْمَ لِتَعْمَلَ بِهِ , وَلَا تَطْلُبْهُ لِتُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ , وَتُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ , وَتَأْكُلَ بِهِ الْأَغْنِيَاءَ , وَتَسْتَخْدِمَ بِهِ الْفُقَرَاءَ , فَإِنَّ لَكَ مِنْ عِلْمِكَ مَا عَمِلْتَ بِهِ , وَعَلَيْكَ مَا ضَيَّعْتَ مِنْهُ , فَقَدْ بَلَغَنَا - وَاللهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ مَنْ طَلَبَ الْخَيْرَ صَارَ غَرِيبًا فِي زَمَانِنَا , وَلَا تَسْتَوْحِشْ , وَاسْتَقِمْ عَلَى سَبِيلِ رَبِّكَ , فَإِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ كَانَ ⦗١١⦘ مَوْلَاكَ اللهُ تَعَالَى , وَجِبْرِيلُ , وَصَالَحُوا الْمُؤْمِنِينَ , وَاشْتَغِلْ بِذِكْرِ عُيُوبِ نَفْسِكَ عَنْ ذِكْرِ عُيُوبِ غَيْرِكَ , وَاحْزَنْ عَلَى مَا قَدْ مَضَى مِنْ عُمُرِكَ فِي غَيْرِ طَلَبِ آخِرَتِكَ , وَأَكْثِرْ مِنَ الْبُكَاءِ عَلَى مَا قَدْ أَوْقَرْتَ بِهِ ظَهْرَكَ , لَعَلَّكَ تَتَخَلَّصُ مِنْهَا , وَلَا تَمَلَّ مِنَ الْخَيْرِ وَأَهْلِهِ , وَلَا تَبَاعَدْ عَنْهُمْ , فَإِنَّهُمْ خَيْرٌ لَكَ مِمَّنْ سِوَاهُمْ , وَمَلَّ الْجُهَّالَ وَبَاطِلَهُمْ , وَتَبَاعَدْ عَنْهُمْ , فَإِنَّهُ لَنْ يَنْجُوَ مَنْ جَاوَرَهُمْ , إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللهُ , وَإِنْ أَرَدْتَ اللَّحَاقَ بِالصَّالِحِينَ فَاعْمَلْ بِأَعْمَالِ الصَّالِحِينَ , وَاكْتَفِ بِمَا أَصَبْتَ مِنَ الدُّنْيَا , وَلَا تَنْسَ مَنْ لَا يَنْسَاكَ , وَلَا تَغْفَلْ عَمَّنْ قَدْ وُكِّلَ بِكَ , يُحْصِي أَثَرَكَ , وَيكْتَبُ عَمَلَكَ , رَاقِبِ اللهَ فِي سَرِيرَتِكَ، وَعَلَانِيَتِكَ , وَهُوَ رَقِيبٌ عَلَيْكَ , وَاسْتَحِ مِمَّنْ هُوَ مَعَكَ وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَيْكَ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ , اعْرَفْ فَاقَةَ نَفْسِكَ , وَحَقَارَةَ مَنْزِلَتِهَا , فَإِنَّكَ حَقِيرٌ فَقِيرٌ إِلَى رَبِّكَ , وَابْكِ عَلَى نَفْسِكَ وَارْحَمْهَا , فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَرْحَمْهَا لَمْ تُرْحَمْ , وَلَا تَغُشَّهَا , وَلَا تُورِدْهَا , وَخُذْ مِنْهَا لَكَ , فَإِنَّكَ بِيَوْمِكَ , وَلَسْتَ بِغَدِكَ , وَكَأَنَّ الْمَوْتَ قَدْ نَزَلَ بِكَ , وَلَا تَغْفَلْ غَفْلَةَ الْغَافِلِينَ وَالْجَاهِلِينَ , وَأَكْثِرْ مِنَ الْبُكَاءِ عَلَى نَفْسِكَ , فَلَسْتَ مِنَ الضَّحِكِ بِسَبِيلٍ إِنْ عَقَلْتَ , فَقَدْ بُلِّغْتُ - وَاللهُ أَعْلَمُ - أَنَّ اللهَ تَعَالَى عَيَّرَ أَقْوَامًا فِي كِتَابِهِ بِالضَّحِكِ , وَتَرْكِ الْبُكَاءِ فَقَالَ {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} [النجم: ٦٠] وَمَدَحَ أَقْوَامًا فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء: ١٠٩] , وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا أَحَبَّ اللهُ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ , فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَى , وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ»

<<  <  ج: ص:  >  >>