سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلَوِيَّةَ يَقُولُ ⦗٦٢⦘: نَظَرَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ إِلَى طَاقَاتِ رَيْحَانٍ وَضَعَهَا بَعْضُ الصِّبْيَانِ فِي حُجْرَتِهِ وَقَدْ ذَبُلَتْ فَأَتَى بِالْمَاءِ يَسْقِيهَا فَقَالَ لَهُ: مَا تَصْنَعُ؟ قَالَ: " رَأَيْتُ هَذَا الرَّيْحَانَ ذَابِلًا قَدْ جَفَّفُوهُ بِتَرْكِ سَقْيِهِ فَاعْتَصَرَ بِهِ قَلْبِي فَسَقَيْتُهُ لِأَنَّهُ هَاجَتْ لِي فِيهِ عَبْرَةٌ وَكَأَنِّي رَأَيْتُهُ يَسْتَسْقِينِي بِذُبُولِهِ خَاضِعًا , وَكَانَ أَبُوهُ وَأَخُوهُ يَدْعُوَانِهِ إِلَى طَلَبِ الدُّنْيَا فَأَنْشَأَ أَخُوهُ يَقُولُ:
[البحر الوافر]
أَتَرْحَمُ أَغْصُنًا ذَبُلَتْ وَلَانَتْ ... وَلَا تَرْحَمُ أَخَاكَ إِذَا دَعَاكَا؟
, فَقَالَ يَحْيَى مُجِيبًا لَهُ:
[البحر الوافر]
رَأَيْتُ أَخِي يُرِيدُ هَلَاكَ نَفْسِي ... وَنَفْسِي لَا تُرِيدُ لَهُ هَلَاكَا
قَالَ: وَسَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ , يَقُولُ: وَأَنْشَدَنَا:
[البحر الطويل]
أَمُوتُ بِدَائِي لَا أُصِيبُ دَوَائِيَا ... وَلَا فَرَجًا مِمَّا أَرَى مِنْ بِلَائِيَا
إِذَا كَانَ دَاءُ الْعَبْدِ حُبَّ مَلِيكِهِ ... فَمَنْ دُونَهُ يَرْجُو طَبِيبًا مُدَاوِيَا
قَالَ: وَأَنْشَدَنَا يَحْيَى رَحِمَهُ اللَّهُ:
رَضِيتُ بِسَيِّدِي عِوَضًا وَأُنْسًا ... مِنَ الْأَشْيَاءِ لَا أَبْغِي سِوَاهُ
فَيَا شَوْقًا إِلَى مَلِكٍ يَرَانِي ... عَلَى مَا كُنْتُ فِيهِ وَلَا أَرَاهُ
خَلَا يَسْتَمْطِرُ النَّجْمَ الْعَطَايَا ... فَيُعْطَى مِنْهُ أَكْثَرَ مَا رَجَاهُ
وَأَنْشَدَنَا أَيْضًا:
[البحر الهزج]
أَنَا إِنْ تُبْتُ مَنَّانِي ... وَإِنْ أَذْنَبْتُ رَجَّانِي
وَإِنْ أَدْبَرْتُ نَادَانِي ... وَإِنْ أَقْبَلْتُ أَدْنَانِي
وَإِنْ أَحْبَبْتُ وَالَانِي ... وَإِنْ أَخْلَصْتُ نَاجَانِي
وَإِنْ قَصَّرْتُ عَافَانِي ... وَإِنْ أَحْسَنْتُ جَازَانِي
حَبِيبِي أَنْتَ رَحْمَانِي ... اصْرِفْ عَنِّي أَحْزَانيِ
إِلَيْكَ الشَّوْقُ مِنْ قَلْبِي ... عَلَى سِرِّي وَإِعْلَانِي
فَيَا أَكْرَمُ مَنْ يُرْجَى ... وَأَنْتَ قَدِيمُ إِحْسَانِي
وَمَا كُنْتَ عَلَى هَذَا ... إِلَهَ النَّاسِ تَنْسَانِي
لَدَى الدُّنْيَا وَفِي الْعُقْبَى ... عَلَى مَا كَانَ مِنْ شَانِي
⦗٦٣⦘
قَالَ: وَأَنْشَدَنِي يَحْيَى:
تَبَارَكَ ذُو الْجَلَالِ وَذُو الْمِحَالِ ... عَزِيزُ الشَّانِ مَحْمُودُ الْفِعَالِ
سُرُورِي بِالسُّؤَالِ لِكَيْ أَرَاهُ ... فَكَيْفَ أُسَرُّ مِنْهُ بِالنَّوَالِ
فَيَا ذَا الْعِزِّ يَا ذَا الْجُودِ جُدْ لِي ... وَغَيِّرْ مَا تَرَى مِنْ سُوءِ حَالِي
قَالَ: وَأَنْشَدَنِي يَحْيَى:
[البحر البسيط]
أَشْكُو إِلَيْكَ ذَنُوبًا لَسْتُ أُنْكِرُهَا ... وَقَدْ رَجَوْتُكَ يَا ذَا الْمَنِّ تَغْفِرُهَا
مِنْ قَبْلِ سُؤْلِكَ لِي فِي الْحَشْرِ يَا أَمْلَى ... يَوْمَ الْجَزَاءِ عَلَى الْأَهْوَالِ تَذْكُرُهَا
أَرْجُوكَ تَغْفِرُهَا فِي الْحَشْرِ يَا أَمْلَى ... إِذْ كُنْتَ سُؤْلِي كَمَا فِي الْأَرْضِ تَسْتُرُهَا قَالَ: وَأَنْشَدَنَا يَحْيَى:
سَلِّمْ عَلَى الْخَلْقِ وَارْحَلْ نَحْوَ مَوْلَاكَا ... وَاهْجُرْ عَلَى الصِّدْقِ وَالْإِخْلَاصِ دُنْيَاكَا
عَسَاكَ فِي الْحَشْرِ تُعْطَى مَا تُؤَمِّلُهُ ... وَيُكْرِمُ اللَّهُ ذُو الْآلَاءِ مَثْوَاكَا