قَالَتْ: يَا صَالِحُ ذَاكَ وَلَدِي مِنْ مَنْزِلِ كَبِدِي وَالْحَشَا، كَانَ بَطْنِي لَهُ وَعَاءً، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً، ثُمَّ دَفَعَتْ لِيَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَالَتْ: تَصَدَّقْ بِهَا عَلَى حَبِيبِي وَقُرَّةِ عَيْنِي وَلَا أَنْسَاهُ الدُّعَاءَ وَالصَّدَقَةَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمْرِي قَالَ: فَانْطَلَقْتُ فَتَصَدَّقْتُ بِالْأَلْفِ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْجُمْعَةِ الْأُخْرَى أَقْبَلْتُ أُرِيدُ الْجُمْعَةَ فَأَتَيْتُ الْمَقْبَرَةَ، وَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، وَاسْتَنَدْتُ إِلَى قَبْرٍ فَخَفِقْتُ بِرَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ قَدْ خَرَجُوا وَإِذَا أَنَا بِالْفَتَى عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ فَرِحًا مَسْرُورًا، ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى دَنَا مِنِّي ثُمَّ قَالَ: يَا صَالِحُ الْمُرِّيُّ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا عَنِّي، وَقَدْ وَصَلَتْ إِلَيْنَا الْهَدِيَّةُ، فَقُلْتُ لَهُ: أَنْتُمْ تَعْرِفُونَ الْجُمْعَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ وَإِنَّ الطُّيُورَ فِي الْهَوَاءِ يَعْرِفُونَهَا وَيَقُولُونَ سَلَامٌ لِيَوْمِ صَالِحٍ يَعْنِي يَوْمَ الْجُمْعَةِ
٤٢٥ - قَالَ الْفَقِيهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ حَدَّثَنِي الثِّقَةُ , بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , قَالَ: " جَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي كَفِّهِ كَالْمِرْآةِ الْبَيْضَاءِ، وَفِي وَسَطِهَا كَالنُّكْتَةِ السَّوْدَاءِ قَالَ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا يَوْمُ الْجُمْعَةِ يَعْرِضُهَا اللَّهُ عَلَيْكَ، لِتَكُونَ لَكَ عِيدًا وَلِأُمَّتِكَ مِنْ بَعْدِكَ، وَلَكُمْ فِيهَا خَيْرُ مَنْ دَعَا فِيهَا بِخَيْرٍ وَلَهُ قِسْمٌ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِسْمٌ ادُّخِرَ لَهُ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَهُوَ عِنْدَنَا يَوْمَ الْمَزِيدِ، وَنَحْنُ نَدْعُوهُ سَيِّدَ الْأَيَّامِ قَالَ: وَلِمَ ذَلِكَ؟ قَالَ: لِأَنَّ رَبَّكَ اتَّخَذَ فِي الْجَنَّةِ وَادِيًا أَفْيَحَ فِيهِ كَثِيبٌ مِنْ مِسْكٍ أَبْيَضَ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمْعَةِ جَاءَ النَّبِيُّونَ وَجَلَسُوا عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ مُكَلَّلَةٍ بِالْجَوَاهِرِ ثُمَّ حُفَّ وَرَاءَ تِلْكَ الْمَنَابِرِ بِكَرَاسِيٍّ مِنْ نُورٍ، فَجَاءَ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ فَجَلَسُوا عَلَيْهَا، ثُمَّ يَأْتِي أَهْلُ جَنَّةِ عَدْنٍ فَيَجْلِسُونَ عَلَى ذَلِكَ الْكَثِيبِ الْأَبْيَضِ، فَيَقُولُ لَهُمُ الرَّبُّ تَعَالَى: أَنَا الَّذِي صُدِقْتُمْ وَعْدِي، وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي، وَهَذَا مَحَلُّ كَرَامَتِي فَسَلُونِي، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا نَسْأَلُكَ رِضْوَانَكَ وَالْجَنَّةَ.
فَيَقُولُ: رِضْوَانِي أُحِلُّكُمْ دَارِي وَأُنِيلُكُمْ كَرَامَتِي، فَيَسْأَلُونَهُ الرِّضَا فَيَهْدِيهِمُ الرِّضَا، وَيُعْطِيهِمْ فَوْقَ رَغْبَتِهِمْ وَأُمْنِيَتِهِمْ وَذَلِكَ قَدْرٌ مُنْصَرِفٌ أَمَامَكُمْ مِنَ الْجُمْعَةِ، وَيَفْتَحُ لَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ مَا لَا يَخْطُرُ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ وَلَمْ تَرَهُ عَيْنٌ، ثُمَّ يَرْجِعُ النَّبِيُّونَ وَالصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ، وَيَرْجِعُ أَهْلُ الْغُرَفِ إِلَى غُرَفِهِمْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute