للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٤٧) وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} [الأحزاب: ٤٧ - ٤٨] ثم قال: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (٢) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [الأحزاب: ٢ - ٣].

فأمره باتباع ما أُوحِي إليه من الكتاب والحكمة ــ التي هي سُنَّته ــ وبأن يتوكل على الله.

فبالأول (١) تحقق قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}.

وبالثانية تحقق قوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}.

ومثل ذلك قوله: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} [هود: ١٢٣] وقوله: {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: ٨٨].

وهذا وإن كان مأمورًا به في جميع الدين، فإنَّ ذلك في الجهاد أَوْكَد؛ لأنه يحتاج إلى أن يُجاهد الكفار والمنافقين، وذلك لا يتمّ إلا بتأييد قويّ من الله، ولهذا كان الجهادُ سنام العمل، وانتظم سنام جميع الأحوال الشريفة.

ففيه سنام المحبة كما في قوله: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [ق ٥٦] وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} [المائدة: ٥٤].

وفيه سنام التوكُّل وسنام الصبر، فإنّ المجاهدَ أحوجُ الناس إلى الصبر والتوكل، ولهذا قال: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا


(١) الأصل: «فبأول» وهو سهو، وفي (ف، ك): «فبالأولى»، ومابعدها «الثانية».

<<  <  ج: ص:  >  >>