ومع هذا فكان يعرف السنين والحساب وقسم الفيء وقسمة المواريث بالحساب العربي الفطري، لا بحساب القبط، ولا الجبر والمقابلة، بأبي هو ونفسي -صلى الله عليه وسلم-، وقد كان سيّد الأذكياء، ويبعد في العادة أن الذكي يُملي الوحي وكتب الملوك وغير ذلك على كتّابه، ويرى اسمه الشريف بخاتمه، ولا يعرف هيئة ذلك مع الطول، ولا يخرج بذلك عن أميّته، وبعض العلماء عدّ ما كتبه يوم الحديبية من معجزاته، لكونه لا يعرف الكتابة وكتب، فإن قيل: لا يجوز عليه أن يكتب، فلو كتب لارتاب مبطلٌ، ولقال: كان يُحسن الخط، ونظر في كتب الأولين، قلنا: ما كتب خطاً كثيراً، حتى يرتاب به المبطلون، بل قد يقال: لو قال مع طول مدة كتابة الكتاب بين يديه: لا أعرف أن أكتب اسمي الذي في خاتمي، لارتاب المبطلون أيضاً، ولقالوا: هو غاية في الذكاء فكيف لا يعرف ذلك، بل عرفه وقال: لا أعرف. فكان يكون ارتيابهم أكثر، وأبلغ في إنكاره والله أعلم» (١).
٣ ـــــ دفاعه عن المحدث الثقة حسين المعلّم، (ت: ١٥٠ هـ).
فقد نقل الذهبي عن بعض الأئمة تضعيف حسين المعلم بسبب أغلاط وقعت له في رواية بعض الأحاديث، وردّ الذهبي عليهم فقال: «الرجل ثقة، وقد احتج به صاحبا
(١) سير أعلام النبلاء ١٨/ ٥٤٠، وينظر أيضاً تذكرة الحفاظ ٣/ ١١٨١.