والعجب والخيلاء وأنواع هذه إذا قويت دواعيها لأهلها، واشتدت جواذبها لصاحبها، ثم لم يعلم أن فوقه ناقماً عليه، وأن له منتقماً لنفسه من نفسه، أو مقتضياً منه لغيره، كان ميله وذهابه مع جواذب الطبيعة ودواعي الشهوة طباعاً لا يمتنع منه، وواجباً لا يستطيع غيره.
أو ما رأيته كيف يخرق في ماله، ويسرع فيما أثلت له رجاله، وشيدت له أوائله، من غير أن يرى للعوض وجهاً، وللخلف سبباً في عاجل دينه، ولا آجل دنياه، حتى يكون والي المسلمين هو الذي يحجر عليه؛ ليكون مضض الحجر وذل الخطر، وغلظة الجفوة. واللقب القبيح، وتسليط الأشكال، مادة للذي معه من معرفته وبقية عقله.
فصل منه
وقد يكون الرجل معروفاً بالنزق مذكوراً بالطيش مستهاماً بإظهار الصولة حتى يتحامى كلامه الصديق، ويداريه الجليس، ويترك مجاراته الكريم، للذي يعرفون من شذاته، وبوادر حدته وشدة تسعره والتهابه، وكثرة فلتاته. ثم لا يلبث أن يحضر الوالي الصليب والرجل المنيع، فيلفى ذليلاً خاضعاً، أو حليماً وقوراً، أو أديباً رفيقاً، أو صبوراً محتسباً.