فينبغي أن يكون سبيلنا فيمن بعدنا سبيل من قبلنا فينا. مع أنا قد وجدنا في العبرة أكثر مما وجدوا، كما أن من بعدنا يجد من العبرة أكثر مما وجدنا.
فما ينتظر الفقيه بفقهه والمحتج لدينه، والذاب عن مذهبه، ومواسي الناس في معرفته، وقد أمكن القول وأطرق السامع، ونجا من التقية، وهبت ريح العلماء.
فصل منه
واعلم أن قصد العبد بنعم الله تعالى إلى مخالفته، غير مخرج إنعام الله تعالى عليه، ولا يحول إحسانه إليه إلى غير معناه وحقيقته، ولم يكن إحسان الله في إعطائه الأداة وتبيين الحجة لينقلبا إفساداً وإساءة؛ لأن المعان على الطاعة عصى بالمعونة، وأفسد بالإنعام، وأساء بالإحسان.
وفرق بين المنعم والمنعم عليه؛ لأن المنعم عليه يجب أن يكون شكوراً، ولحق النعمة راعياً، والمنعم منفرد بحسن الإنعام، وشريك في جميل الشكر. ولأن المنعم أيضاً هو الذي حبب الشكر إلى فاعله، بالذي قدم إليه من إحسانه، وتولى من يساره، ولذلك جعلوا النعمة لقاحاً، والشكر ولاداً. وإنما مثل إعطاء الآلة والتكليف لفعل