ولهج أصحاب الحديث بحكم لم أسمع بمثله في تزييف الرجال، وتصحيح الأخبار. وإنما أكثروا في ذلك، لتعلم حيدهم عن التفتيش، وميلهم عن التنقير، وانحرافهم عن الإنصاف.
فصل منه
والذي دعاني إلى وضع جميع هذه الأشربة والوقوف على أجناسها وبلدانها، مخافة أن يقع هذا الكتاب عند بعض من عساه لا يعرف جميعها، ولم يسمع بذكرها، فيتوهم أني في ذكر أجناسها المستشنعة وأنواعها المبتدعة، كالهاذي برقية العقرب، وإن كان قصدي لذكرها في صدر الكتاب لأقف على حلالها وحرامها، وكيف اختلفت الأمة فيها، وما سبب اعتراض الشك واستكمان الشبهة؛ ولأن أحتج للمباح وأعطيه حقه، وأكشف أيضاً عن المحظور فأقسم له قسطه، فأكون قد سلكت بالحرام سبيله، وبالحلال منهجه، اقتداءً مني بقول الله عز وجل:" يأيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ".
وقد كتبت لك - أكرمك الله - في هذا الكتاب ما فيه الجزاية