للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ساجدون له سبحانه. وهذا الاعتقاد ضروري لا يستطيع أي إنسان دفعه عن نفسه، ومن الحِكَم اللطيفة أن شرع الله لعباده أن يقولوا في سجودهم: "سبحان ربي الأعلى" شرع لهم ذلك على لسان نبيه، وفي هدي رسوله إشارة إلى علوه الدائم، حتى لا يفهم من سجود العبد على الأرض أن معبوده في أسفل منه – حاشاه - بل كلما يزداد العبد خضوعاً وتذللاً، لمعبوده العلي العظيم ازداد منه قرباً معنوياً ومعية خاصة، تخص خواص عباده المؤمنين، وفي هذا يقول رسول الهدى، ونبي الرحمة محمد عليه الصلاة والسلام: "أقرب ما يكون العبد من ربه، وهو ساجد فأكثروا الدعاء" ١.

ومن الآيات التي تدل على علو الله على خلقه، علاوة على الآيات السبع التي ذكرناها والتي تنص على استواء الله على عرشه كما يليق به، قوله تعالى:

{يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ} ٢، وقد جاءت الفوقية في هذه الآية مقرونة بحرف (من) وهي مُعَيِّنة للفوقية (بالذات) ٣، وهو معنى معروف عند أهل اللغة، بخلاف قوله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} ٤، وهي محتملة كما لا يخفى.

١- قوله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} ٥.

٢- {بَل رَّفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ} ٦.

٣- {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} ٧.


١ صحيح مسلم، باب ما يقال في الركوع والسجود ٤/٢٠٠.
٢ سورة النحل آية: ٥٠.
٣ راجع شرح العقيدة الطحاوية.
٤ سورة الأنعام آية: ١٨، ٦١.
٥ سورة المعارج آية: ٤.
٦ سورة النساء آية: ١٥٨.
٧ سورة آل عمران آية: ٥٥.

<<  <   >  >>