ونسخة محمد ابن إلياس بن عثمان المتصوف. وإذا كان الأصل هو النسخة اليونينية نفسها، فلا بد أن نسخة البصري كانت بأيديهم خلال الطبع.
وما بين تقرير شيخ الأزهر ومقدمة المصححين، فإننا نجد أنفسنا أمام حقيقة واحدة مؤلمة هي أن أهم أصول هذه الطبعة السلطانية، وهما النسختان اليونينية والبصرية قد فُقدتا ولم يُعثر لهما على أثر، وأن هذه الطبعة السلطانية تمثل خلاصة جهود العلماء خلال سبعمائة سنة لإنتاج أصح نسخة من صحيح البخاري بدءًا من الإمام اليونيني ثم عبد الله بن سالمٍ البصري، وانتهاءً بجهود جبال العلم في الأزهر الشريف.
وخلاصة الحكم على الطبعة السلطانية أنها فرع عن النسخة اليونينية قائم بحد ذاته.، اجتهد في مقابلته وتصحيحه جمع من أعلام العلماء المحققين وأفراد ذلك العصر من المتقنين قل أن يجتمع نظيره، فرجعوا إلى عدد من الأصول والفروع، واستطاعوا أن يقدموا للعالم الإسلامي نسخة من الجامع الصحيح أَرْبَتْ على النسخ السابقة في الضبط والتحقيق، والتحرير والتدقيق، فاستخرجت كنوز النسخة اليونينية، وفَكَّت رموزها، وأحكمت تنضيدها، ويسرت قراءتها. مما يرفع من قدر هذه النسخة السلطانية، ويزيد في أجر من سعى في نشرها، ولذلك قال العلامة الشيخ محمد بن علي المكاوي في وصف المطبوع:"فجاء بحمد الله على ألطف شكل وأحسن بيان، حتى فاق أصوله في الصحة والإتقان". فرحم الله تعالى السلطان عبد الحميد وجزاه خيرًا على هذه المأثرة الخالدة.