للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الخامس: اتفاقُ اللفظ.

السادس: اتفاقُ المعنى. فلا يُثَنَّى المشتركُ، خلافاً للحريريّ١. وأما نحوُ العُمَرَان٢،


١ هو القاسمُ بن عليّ بن محمد بن عثمان البصريّ الحريريّ، ولد سنة ٤٤٦هـ، وهو صاحبُ المقامات، وله درةُ الغوّاص، وكتابُ الرسائل، وملحةُ الإعراب، وشرحُها، وديوانُ شعر. وغير ذلك. كان أديباً فصيحاً بليغاً، إماماً في رشاقةِ الألفاظِ وتنميقِ العبارةِ وتحسينِها، ولم يكن له في فنِّه نظيرٌ في عصرهِ. كما كان دميمَ الخِلْقَةِ، مُبْتَلى بنتفِ لحيتِه، بحيث يتشوَّه بذلك، وكان من ذوي اليسارِ، توفى سنة ٥١٦هـ. انظر ترجمته في: (نزهة الألباء في طبقات الأدباء: لابن الأنباري ص ٣٧٩، ٣٨١، وإنباه الرواة على أنباه النحاة: للقفطي ٣: ٢٣ -٢٧، وإشارة التعيين في طبقات النحاة واللغويين: لعبد الباقي اليمني ص ٢٦٣ - ٢٦٥، وبغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة: للسيوطيّ ٢: ٢٥٧، ٢٥٩) .
٢ في ب وج "القمران". ويقولون: سُنَّة العمرين، وهو شاذٌ، ولكنه على التجوّز، وتغليب لأحد اللفظين على الآخر كما يُقالُ: "القمرين"، القمر لتذكيره، وعمر لإفراده. والعُمَران: أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، فغلب عمر لأنه أخفُّ الاسمين، وقيل لعثمان رضي اللهُ عنه: "تسلك سيرةَ العمرينِ". وفي رواية "نسألُك سيرةَ العمرين". وقال الفرزدقُ يمدحُ هشام بن عبد الملك:
فَحَلَّ بِسِيْرَةِ العُمَرَيْنِ فِيْنَا شِفَاء لِلْقُلُوبِ مِنَ السّقَامِ.
قالَ أبو عبيدة: "فإن قيلَ كيف بُديء بعمرَ قبلَ أبي بكر وهو قبله، وهو أفضلُ منه؟ قيل إن العربَ تفعلُ هذا، يبدؤون بالأخسِّ، يقولون، رَبِيعَة ومُضَر، وسُلَيم وعَامِر، ولم يتركُ قليلاً ولا كثيراً".
وقيل: "هما عمرُ بن الخطاب، وعمرُ بن عبد العزيز". قال أبو يوسف: "وزعمَ الأصمعيُّ عن أبي هلال الراسبي عن قتادةَ أنه سُئل عن عتقِ أمهاتِ الأولادِ، قال: أعتق العمران، فما بينهما من الخلفاءِ أمهاتُ الأولاد"، ففي قولِ قتادةَ دليلٌ على أنهما عمر بن الخطاب وعمر ابن عبد العزيز، لأنه لم يكن بينَ أبي بكرٍ وعمرَ خليفةٌ. ومنعَ المازنُّيُّ تثنيةَ العَلَمِ المعدولِ نحو عُمَر، وجمعَه جمعَ سلامةٍ أو تكسير. وقال: أقول: "جاءني رجلانِ كلاهما"عُمَر"، "ورجالٌ كلُّهم عُمَر". قال أبو حيَّان: "لا أعلمُ أحداً وافقه على المنعِ مع قولِ العربِ: "العُمَران" فإذا ثُنِّي على سبيل التغليبِ، فمعَ اتفاقِ اللفظِ والمعنى أَوْلَى".
وقيلَ:"إنه عَلَم باللامِ على مختلفين كابانين وعمايتين". واختلفَ في اتحادِ الحقيقيين: فمنهم
مَنْ لم يشترطْه بل جوَّز تثنيةَ مختلفي الحقيقةِ مطلقاً. إما مع تضادٍ كالجونينِ للأسودِ والأبيضِ، وإما من غيرِ تضادٍّ كالعينينِ للينبوعِ والباصرةِ، قياساً على تثنيةِ الأعلام.
انظر: إصلاح المنطق: لابن السكيت ص ٤٠٢، وتاج اللغة وصحاح العربية: للجوهريّ-عمر، والغرّة المخفية ص ١٢١، وشرح ألفية ابن معطٍ ١: ٢٧٢، وشرح اللمحة البدرية: لابن هشام ١: ٢١٣، والهمع ١: ٤٢، ٤٣، وجنى الجنتين في تمييز نوعي المثنيين: للمحبى ص ٨١.

<<  <   >  >>