للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعرب تصف النار في أشعارها بالشقرة وبالحمرة على حسب الاختلاف في ألوانها المذكورة قبل الأسباب المذكورة فيه في شُقرة النار، يقول مزرّد (١) :

فأبصرَ ناري وهي شقراءُ أُوقدتْ ... بعلياءَ نشْزٍ للعيونِ النواظرِ وقال آخر:

ونارٍ كَسَحْرِ العَوْدِ ترفع ضوءَها ... مع الليل هبَّاتُ الرياحِ الصواردِ السَّحْر: الرئة، وسَحْرُ العَوْدِ - وهو المُسِنُّ من الإبل - أشدُّ حمرةً.

١٠٤٣ - ألوان الأدخنة (٢) :

١ - قد بيّنا أن اختلاف ألوان الأدخنة علّة اختلاف ألوان اللهب، واختلاف أجناس الحطب مع اختلاف أحواله في الرطوبة واليبوسة علّة اختلاف الأدخنة. فأما العلّة التي تعرض في اختلاف ألوان الدخان من قبل اختلاف جنس الحطب فكالذي يعرض لدخان التَّنّضُب فإنه أبيض في مثل لون الغبار، ولذلك شبّه الشعراء الغبار به في مواضع كثيرةٍ من أشعارهم، منها قول طفيل الغنوي وذكر الخيل (٣) :

إذا هَبَطَتْ سهلاً كأنّ غبارهُ ... بجانبه الأقْصى دواخنُ تَنْضُبِ ٢ - ودخان (٤) الرّمث أشدّ سواداً من دخان التنضب، ولم يبلغ أن يكون أسود ولكن أورق كلون الذئب، ولذلك شبهت العرب لون الذئب بلون دخان الرمث؛ قال الشاعر يصف الذئب:

كأنَّ دخانَ الرمثِ خالَطَ لونَهُ ... يُغَلُّ به من باطنٍ ويجلَّلُ وقال الراعي يشبه لون الذئب بلون دخان العرفج الذي مسه الماء (٥) :

متوضّح الأقرابِ فيه شُهْبَةٌ ... نَهشُ اليدين تخالُهُ مشكولا

كدخانِ مرتجِلٍ بأَعلى تلعةٍ ... غَرْثانَ يُضْرِمُ عرفجاً مبلولا


(١) حد: ١٥٨؛ ولم يرد البيت في ديوان مزرد.
(٢) حد: ١٥٣ - ١٥٤.
(٣) ديوان طفيل: ٢٥.
(٤) حد: ١٥٤.
(٥) من لاميته المشهورة التي وردت في جمهرة اشعار العرب، انظر شعر الراعي: ١٣٩ والحيوان ٥: ٦٥ - ٦٦ والمفضليات: ٨٨٠ والفصول والغايات: ٤٦٧.

<<  <   >  >>