للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الراوي فلكونه مثبتاً، وأما الشيخ فلكونه نفى ما يتعلق به في أمر يقرب من المحصور غالباً.

ولما كان يتوهم من رد حديثه ثبوت كذبه رفع هذا التوهم بقوله (لكن بفرع) وهو الراوي (ما) نافية (قدح) أي النفي المفهوم من " نَفَى " أي ما أثبت جرحه.

والمعنى أن هذا التكذيب من الشيخ لا يثبت جرح هذا الراوي في باقي رواياته لأن الجرح في مثل ذلك لا يثبت بالواحد، وأيضاً فقد كذب شيخه صريحاً إن فرض أنه قال كذب بل سمعته منه، أو بما يقوم مقام الصريح وهو جزمه بكون الشيخ حدثه به، لأن ذلك قد يستلزم تكذيبه في دعواه أنه كذب عليه، وليس قبول قول أحدهما بأولى من الآخر، قاله في التدريب.

فإن عاد الشيخ وحدث به أو حدث به ثقة غير الأول منه ولم يكذبه فهو مقبول. ومقابل الأصح هو ما اختاره في جمع الجوامع وفاقاً لابن السمعاني وغيره بل حكاه الفخر الشاشي عن الشافعي، وحكى الصفي الهندي الاتفاق عليه، وهو عدم إِسقاط المروي لاحتمال نسيان الأصل له بعد روايته للفرع، ولأن الفرع عدل ضابط إلى آخر شروطه، وقد تقرر أنه يجب العمل بخبره، والوجوب لا يسقط بالاحتمال، والأصل وإن كان عدلاً ضابطاً أيضاً لكنه كَذَّبَ عدلًا وتكذيبُ العدل خلاف الظاهر.

لا يقال يلزم أن يكون الأصل كاذباً وهو أيضاً عدل فيكون خلاف الظاهر لأنا نقول: بل هو الظاهر، لأنه كَذَب في التكذيب للفرع العدل وقد عَلِمتَ أنه خلاف الظاهر فيكون كذب الأصل هو الأصلَ إلا أنه لعدالته يحمل على النسيان.

قلت: وهذا القول هو الراجح عند المحدثين كما قال السخاوي نقلاً عن الحافظ، ويدل عليه صنيع الشيخين حيث أخرجا حديث عمرو بن دينار عن أبي معبد عن ابن عباس " ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>