طاهر، قليل التصرف بكيء العبارة، متسرعاً لإنكار ما لا يعرف. قال: وكانت بينه وبين شيخنا أبي علي الرندي - رحمهما الله - مناقضات في مسائل من العربية أنشقه أبو علي فيها الخردل، فما قام معه ولا قعد.
وقال لي شيخنا أبو زكريا بن عتيق: كان شديد الضجر عند تتبع البحث معه والمساءلة له، فعهدي به مرات إذا ضويق في المجلس ياخذ قرقيه (١) ويقوم من مجلسه دون سلام ولا كلام، ويتخطى ما يقابله من الحلقة، ثم يرد وجهه إلى الطلبة ويقول لهم: ما أراكم عزمتم على إكمال قراءة " الكتاب " ما أخذتم أنفسكم بهذه المآخذ، أو نحو هذا من القول، ثم ينصرف.
وأصابه قبل موته خدر واختلاط عقل أدى ذلك إلى أن ثقف القاضي بإشبيلية حينئذ أبو محمد بن حوط الله أو أبو حفص بن عمر؟ وقيل أبو محمد عبد الحق ولا يصح - ماله وحجر عليه - فقصده معترضاً له ومتظاهراً بالسلامة من الاختلال، واستطال عليه بلسانه وأغلظ له في القول، فلم يسع القاضي إلا صرفه مبروراً، والاحتياط عليه رعياً لشاخته، ورحمة له وشهرة مكانه قبل من العلم والدين. قال أبو العباس بن هارون: رايته في تلك الحال ماشياً في ازقة إشبيلية ذاهلاً حافياً لا يشعر بما هو فيه؛ وتوفي بإشبيلية في العشر الوسط من جمادى
(١) قرق - بضم القاف الأولى - لم ترد في اللسان، وهي من استعمال الأندلسيين وقد أوردها دوزي في قاموس الملابس وقال أنها تشبه ما نسميه " الصندل " وذكرها في ملحق المعاجم ونقل من رياض النفوس: " فجلس في الموضع الذي تلقى فيه النعال والأقراق "، قلت: والقراق صانعها يرد في بعض التراجم الأندلسية والمغربية.