للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نحن فى الحصار، لا تخرج وأقم معنا» . قال: «نعم، أقيم معكم وأخرج جميلا والمخارق ومن أحببتم» . قالوا: «نعم» . فلما جاءوا إلى باب المدينة قالوا: «تقيم أنت فى الراحة ونخرج نحن! لا والله لا نفعل» . فغضب عمر وقال: «والله لأوردنّكم حياض الموت» .

وجاءه وهو محصور كتاب خليدة بنت المعارك امرأته تخبره فيه:

إن أمير المؤمنين قد استبطأك فبعث يزيد بن حاتم إلى إفريقية، وهو قادم فى ستين ألفا، ولا خير فى الحياة بعد هذا. قال خراش «١» ابن عجلان: فأرسل إلى فجئته، وقد ثار عرق بين عينيه وكان علامة غضبه. فأقرأنى الكتاب فدمعت عيناى. فقال: «مالك؟» . فقلت:

«وما عليك أن يقدم رجل من أهلك فتخرج من هذا الحصار؟» . فقال:

«إنما هى رقدة حتى نبعث إلى الحساب فاحفظ وصيتى» .

قال خراش: فأوصى بما أحب. وخرج كالبعير الهائج. فلم يزل يطعن ويضرب حتى قتل، وذلك فى يوم السبت للنصف من ذى الحجة سنة أربع وخمسين ومائة «٢» .

فلما قتل بايع الناس جميل «٣» بن صخر، وهو أخو عمر لأمه.

فلما طال عليه الحصار دعاه ذلك إلى موادعة أبى حاتم. فصالحه على أن جميلا وأصحابه لا يخلعون طاعة سلطانهم ولا ينزعون سوادهم، وعلى أن كل دم أصابه الجند من البربر فهو هدر، وعلى أن لا يكرهوا أحدا