للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به إبراهيم عليه السلام فقال لها: ردّيه فلا حاجة لنا به فردته؛ فذكرت حوريا ذلك لأبيها فعجب منها وقال: هؤلاء من قوم كرام ومن أهل بيت طهارة فتحيّلى فى برّها بكل حيلة، فوهبت لها جارية قبطية من أحسن الجوارى يقال لها آجر، وهى هاجر أم إسماعيل عليه السلام، وعملت لها سلالا من الحلوى وقالت: يكون معك هذا للزاد. وجعلت تحت الحلوى جوهرا نفيسا وحليّا مصبوغا مكلّلا. فقالت:

أشاور صاحبى؛ فأتت إبراهيم عليه السلام فشاورته فقال: إذا كان مأكولا فخذيه، فقبلته منها وخرج إبراهيم عليه السلام. فلما أمعنوا فى السير أخرجت سارة بعض تلك السلال فأصابت الجوهر والحلىّ، فعرّفت إبراهيم ذلك، فباع بعضه وحفر من ثمنه البئر التى جعلها للسبيل وفرّق بعضه فى وجوه البرّ، وكان يضيف كل من مرّ به.

قال: وعاش طوطيس إلى أن وجهت إليه هاجر من مكة تعرّفه أنها بمكان جدب وتستغيثه، فأمر بحفر نهر فى شرقىّ مصر يمرّ بسفح الجبل حتى ينتهى إلى مرفأ السفن فى البحر المالح، فكان يحمل إليهما الحنطة وأصناف الغلّات فتصل إلى جدّة وتحمل من هناك على المطايا، فأحيا بلد الحجاز مدّة. ويقال: إن كل ما حلّيت به الكعبة فى ذلك العصر هو مما أهداه ملك مصر. ويقال: إنه لكثرة ما كان طوطيس يحمله إلى الحجاز سمّته العرب «جرهم الصادق» وكذلك يسمّيه كثير من أهل الأثر. وقد تقدّم فى قصة «١» إبراهيم الخليل عليه السلام أن اسم الملك صادوق، ويقال: إنه سأل إبراهيم عليه السلام أن يبارك له فى بلده، فدعا بالبركة لمصر، وعرّفه إبراهيم أن ولده سميلكها ويصير أمرها إليه.

قال: وطوطيس أوّل الفراعنة بمصر؛ وذلك أنه أكثر القتل حتى قتل قراباته وأهل بيته وبنى عمه وخدمه ونسائه، وأكثر الكهنة والحكماء. وكان حريصا على الولد