للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى حدائق ملتفّه، وجداول محتفّه؛ إذا جمّش النسيم غصونها اعتنقت اعتناق الأحباب، وإذا فرك من المياه متونها انسابت فى الجداول انسياب الحباب «١» ، ورقصت فى المناهل رقص الحباب «٢» ؛ وإن لثم ثغور نورها حيّته بأنفاس المعشوق، وإن أيقظ نواعس ورقها غنّته بألحان المشوق؛ فنسيمها وان، وشميمها لعرف الجنان عنوان، ووردها من سهر نرجسها غيران، وطلّها فى خدود الورد منبثّ «٣» وفى طرر الريحان حيران؛ وطائرها غرد، وماؤها مطّرد؛ وغصنها تارة يعطفه النسيم اليه فينعطف، وتارة يعتدل تحت ورقائه فتحسب أنها همزة على ألف؛ مع ما فى تلك الرياض من توافق المحاسن وتباين الترتيب؛ إذ كلّما اعتلّ النسيم صحّ الأرج وكلّما خرّ الماء شمخ القضيب.

فكأنّما تلك الغصون إذا ثنت ... أعطافها رسل «٤» الصّبا أحباب

فلها إذا افترقت من استعطافها ... صلح ومن سجع الحمام عتاب

وكأنّها حول العيون موائسا ... شرب وهاتيك المياه شراب

فغديرها كأس وعذب نطافها «٥» ... راح وأضواء النجوم حباب

تحيط بملق نطافها صاف، وظلال دوحها ضاف، وحصاها لصفاء مائها فى نفس الأمر راكد وفى رأى العين طاف؛ إذا دغدغها «٦» النسيم حسبت ماءها بتمايل الظّلال فيه يتبرّج ويميل؛ وإذا اطّردت عليه أنفاس الصّبا ظننت أفياء تلك الغصون