ومن آخر: خلّد الله أيّام المجلس، وعضّد الملّة الحنيفيّة منه بحاميها، والأركان الإسلاميّة من سيفه بشائدها وبانيها، وأمتع الدولة المحمديّة بعزمته التى حسنت الكفاية بها، فلا غرو أن تحسن الكفاية فيها؛ ولا عدمت الدنيا نضرة بأيّامه النّضيره، والدين نصرة بأعلامه النصيره؛ المملوك يقبّل التراب الذى يوما يستقرّ بحوافر «١» سيله، ويوما يستقرّ بحوافر خيله- فلا زال فى يوم السلم جوده سحابا صائبا، ويوم الحرب شهابا ثاقبا- وينهى أنه وردت عليه المكاتبة التى استيقظت بها آماله من وسنها، وأفادته معنى من الجنّة فإنها أذهبت ما بالنفوس من حزنها، وتلقّى المملوك قبلها «٢» بالسجود والتقبيل، وتحلّى بعقود سطورها فهيهات بعد هذا شكوى التعطيل؛ واكتحل من داء السهد بإثمدها «٣» ، وأدار على الايّام كأس مرقدها «٤» ، وأسمعته نغم النّعم التى هى أعجب إلى النفس من نغمات معبدها، وأطالت الوقوف عليها ركاب طرفه [فما وقوف ركاب «٥» طرفة] ببرقة «٦» ثهمدها؛ وضرع إلى من يشفّع وسائل المتضرّعين،