للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى هذه الليلة ابن ومات له ابن. فقال الفضل له ذلك. فدنا عبد الملك وقال:

يا أمير المؤمنين، سرّك الله فيما ساءك، ولا ساءك فيما سرّك، وجعلها واحدة بواحدة، ثواب الشاكر وأجر الصابر. فقال الرشيد: أهذا الذى زعموا أنه يتصنّع الكلام! ما رأى الناس أطبع من عبد الملك فى الفصاحة.

ومن ذلك ما حكاه ثمامة بن أشرس قال: لمّا دخل المأمون بغداد بعد قتل الأمين دخلت عليه زبيدة بنة جعفر أمّ الأمين، فجلست بين يديه وقالت: الحمد لله! إن أهنّئك بالخلافة فقد هنّأت بها نفسى قبل أن أراك، وإن كنت فقدت ابنا خليفة لقد اعتضت ابنا خليفة. وما خسر من اعتاض مثلك، ولا ثكلت أمّ ملأت عينها منك. وأنا أسأل الله أجرا على ما أخذ، وإمتاعا بما وهب. فقال المأمون:

ما تلد النساء مثل هذه، ما تراها أبقت فى الكلام لبلغاء الرجال! وقال عبد الله بن الحسن الجعفرىّ السمرقندىّ يهنّئ العزيز بخلافة مصر ويرثى أباه المعزّ:

قد أصبح الجوهر العلوىّ منتقلا ... فى خير من كان من خير الورى بدلا

يا منحة كملت فى محنة عظمت ... لو لاك فى الدّهر ما نال امرؤ أملا

صنع من الله فى خطب أتيح لنا ... عمّ البلاد وعمّ السّهل والجبلا

كان الزمان بمن أبقى ومن أخذت ... صروفه مدنبا طورا ومنتصلا

قام العزيز بما أفضى المعزّ به ... إليه مضطلعا بالعبء محتملا

فقام أحفظ مسترعى رعى فكفى ... من بعد خير إمام قوم الميلا

كالسيف منصلتا والبحر مندفقا ... والبدر مؤتلقا والغيث محتفلا

ومنها:

فى طلعة البدر من شمس الضّحى عوض ... وظلمة الّليل يجلو جنحها ابن جلا