للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صافية، وهؤلاء هم الصابئة [١] فنفرت منهم الجهمية [٢] فقالوا إن الله لم يتكلم ولا يتكلم ولا قام به كلام وإنما كلامه ما يخلقه من الهواء أو غيره فأخذ بعض ذلك قوم من متكلمة الصفات [٣] فقالوا: بل نصفه، وهو المعنى [٤] كلام الله ونصفه وهو الحروف ليس كلام الله بل هو خلق من خلقه وقد تنازع الصفاتية القائلون بأن القرآن غير مخلوق هل يقال: إنه قديم لم يزل لا متعلق المشيئة؟ أم يقال يتكلم إذا شاء ويسكت إذا شاء على قولين مشهورين فى ذلك وفى السمع والبصر ونحوهما ذكرهما الحارث المحاسبى عن أهل السنة، وذكرهما أبو بكر عن أهل السنة من أصحاب أحمد وغيرهم وكذلك النزاع بين أهل الحديث والصوفية وفرق الفقهاء من المالكية والشافعية والحنفية بل وبين فرق المتكلمين والفلاسفة فى جنس هذا الباب وليس هذا موضع بسط ذلك الفصل.

وأما سؤاله عن قوله: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى

[٥] فهو حق أخبر الله به، وأهل السنة متفقون على ما قاله ربيعة بن أبى عبد الرحمن ومالك بن أنس وغيرهما من الأئمة أن الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عن الكيف بدعة فمن زعم أن الله مفتقر إلى عرش يقله أو أنه محصور فى سماء تظله أو أنه محصور فى شئ من مخلوقاته، أو أنه تحيط به جهة من جهات مصنوعاته فهو مخطئ ضال ومن قال إنه ليس على العرش رب ولا فوق السموات خالق بل ما هنا لك إلا العدم المحض والنفى الصرف فهو معطل جاحد


[١] الصابئة: قوم دينهم التعصب للروحانيات: أى الملائكة. وضد الحلفاء الذين دعوتهم الفطرة، ومؤدى مذهبهم: أن للعالم صانعا فاطرا حكيما مقدسا عن سمات الحدثان، والواجب علينا معرفة العجز عن الوصول إلى جلاله، وإنما يتقرب إليه بالوسطاء المقربين لديه، وهم الروحانيون المطهرون المقدسون جوهرا وفعلا وحالة، وقالوا إن الأنبياء أمثالنا فى النوع، وأشكالنا فى القدرة، وأناس بشر مثلنا، فمن أين لنا طاعتهم، وبأية مزية لهم لزم متابعتهم إلخ. (دائرة المعارف لمحمد فريد وجدى مجلد «٥» مادة صبأ) .
[٢] الجهمية: هم أصحاب جهم بن صفوان. قالوا: لا قدرة للعبد أصلا- لا مؤثرة ولا كاسبة- بل هو بمنزلة الجمادات. والجنة والنار تفنيان بعد دخول أهلهما حتى لا يبقى موجود سوى الله تعالى (التعريفات للشريف الجرجانى ص ٥٥ ط مطبعة الاتحاد) .
[٣] متكلمة الصفات: جماعة كبيرة كانوا يثبتون لله تعالى صفات أزلية من العلم والقدرة والحياة والإرادة والسمع والبصر والكلام، والجلال والإكرام إلخ. ولما كانت المعتزلة ينفون الصفات، والسلف تثبتها سمى السلف صفاتية، والمعتزلة معطلة. (دائرة المعارف لفريد وجدى المجلد «٥» .
[٤] فى الأصول «بمعنى» والمثبت «يقتضيه السياق.
[٥] سورة طه آية ٥.