وأعطيها إيّاه، وتشترى به ما تريد، فقام من جنبها وقال: أخطأت استك الحفرة، وانقطع عنك الوحى، ووثب وجلس ناحية، فانتبه القوم وعطعطوا «١» عليها وعلموا أن حيلتها لم تتمّ، وخرج من عندهم ولم يعد إليهم.
وقال بعضهم: بتّ عند رجل من أهل الكوفة من الموسرين، وله صبيان نيام، فرأيته في الليل يقوم فيقلّبهم من جنب الى جنب، فلما أصبحنا سألته عن ذلك، فقال: هؤلاء الصبيان يأكلون وينامون على اليسار، فيمريهم الطعام، ويصبحون جياعا، فأنا أقلّبهم من اليسار الى اليمين لئلا ينهضم ما أكلوه سريعا.
وكان زياد بن عبد الله الحارثىّ واليا على المدينة، وكان فيه بخل وجفاء، فأهدى اليه كاتب له سلالا فيها أطعمة، وقد تنوّق فيها فوافته وقد تغدّى، فقال: ما هذه؟
قالوا: غداء بعثه فلان الكاتب، فغضب، وقال: يبعث أحدهم الشىء في غير وقته، يا خيثم بن مالك! يريد صاحب شرطته، ادع لى أهل الصّفّة يأكلون هذا، فبعث خيثم الحرس يدعونهم، فقال الرسول الذى جاء بالسّلال: أصلح الله الأمير، لو أمرت بهذه السلال تفتح وينظر ما فيها، قال: اكشفوها فاذا طعام حسن من دجاج وفراخ وجداء وسمك وأخبصة وحلواء فقال: ارفعوا هذه السّلال، وجاء أهل الصّفّة، فأخبر بهم، فأمر بإحضارهم وقال: يا خيثم! اضربهم عشرة أسواط، فإنه بلغنى أنهم يفسون في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
ومن الخلفاء من ينسب الى البخل، فمنهم عبد الملك بن مروان كان يلقب برشح الحجر ولبن الطير لبخله.