للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ثم قال: ولا يبعد أن يقال في هذا الموضوع: إنَّ العرف العام وتعامل المسلمين في البلاد المصريَّةِ والشَّاميةِ وغيرِهما من بلاد المسلمين قديماً وحديثاً، واتفاقهم على تشييع جنائزهم بالجهر بالتَّهليل والتكبير من غير خروج عن الحدّ الشّرعي، حتى صار ذلك شعاراً لميِّتهم، يتميَّز به عن ميت غيرهم، يصلح مخصصاً لسنَّة الصّمت، لما تقرر في الأصول أنَّ العرفَ العام يصلح مخصصاً للنص الشرعي، لا ناسخاً (١) .


(١) إذا توارد العرف والنص معاً على موضوع واحد، وتصادما في حكمهما، فَيُطَّرح العرف، لفساده وبطلانه، ويعمل بالنص الخاص؛ لأنّ إرادة المشرِّع فيه مفسَّرة، وقد ناقضها العرف رأساً، بل هدمها كليةً، إذ القصد غير الشرعي -كما يقول الشاطبي- هادم= =للقصد الشرعي، ولا يجوز ذلك عقلاً وشرعاً بالبداهة.
وهذا في الحقيقة من باب تصادم العرف العام مع النص الخاص الآمر، وليس من باب تعارض العرف مع النص العام الذي يكون موضوع العرف فيه بعض أفراده.
وانظر بسط المسألة في: «العرف والعادة» (ص ٩٤ وما بعدها) للأستاذ أحمد فهمي أبي سنة، و «إتحاف الأنام بتخصيص العام» (ص ٢٦٣ وما بعد) لمحمد إبراهيم الحفناوي، و «العقد المنظوم في الخصوص والعموم» (٢/٤٥٤-٤٥٧) للقرافي (المسألة الرابعة) من (الباب الثالث والعشرين: فيما ظن أنه من مخصوصات العموم مع أنه ليس كذلك) (مهم جداً، وقرر فيه بتحقيق وتأصيل ما أومأنا إليه، وقال: «فتأمله، فهو من المواضع النفيسة، عظيم النفع في الأصول والفروع الفقهية، فكثيراً ما يغالط الفقهاء في الفتيا به، وكذلك في التدريس والتخريج، بما ليس بمنصوص على المنصوص» ) ، «المناهج الأصولية في الاجتهاد بالرأي» (ص ٥٧٩ وما بعد) لأستاذنا فتحي الدّريني -عافاه الله وشفاه-.

وانظر -أيضاً-: «الفروق» (١/١٧١-١٧٨) ، «شرح التنقيح» (٢١١) ، «المستصفى» (٢/١١١) ، «الإحكام» (١/٥٣٤) ، «المعتمد» (١/٣٠١) ، «نهاية السول» (٢/١٢٨) ، «نظرية العرف» (٦٦) للخياط، «العرف والعمل في المذهب المالكي» لعمر الجيدي (١٦٧ وما بعد) .

<<  <   >  >>