للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأما العُرف الحادثُ من النَّاس فلا عبرة به، في مثل هذا، إذا خالف النَّصَّ، بل بعض العلماء لم يعتبرْه أصلاً حتى فيما يتغيَّر بتغيِّر العرف إذا خالف النَّص (١) ؛ لأنَّ التَّعارف إنما يصحّ (٢) دليلاً على الجواز إذا كان عاماً من عهد أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمجتهدين؛ لأنه حينئذ يلحق بالإجماع؛ فيكون حُجَّةً كما صرَّحوا به، وما تعارفه الناس من الرَّفع للصوت مع الجنازة ليس كذلك، فلا يصلح تعارفُهم له دليلاً على جوازه، وقد بيَّنا كلَّ ذلك في كتابنا «أحسن الكلام فيما يتعلَّق بالسُّنَّة والبدعة من الأحكام» (٣) ،


(١) انظر ما علقناه على (ص ١٨٨) .
(٢) في الأصل: «يصلح» ، والمثبت من «أحسن الكلام» (٢٩) .
(٣) ذكر فيه (ص ٢٨-٢٩) من كلامه السابق هنا: «رفع الصوت ... » إلى قوله القريب: «دليلاً على جوازه» ، وزاد: «وكذا ما تعارفوه من التغني ورفع الأصوات بالترضي عن الأصحاب -رضي الله عنهم-، وغير ذلك مما ترفع به الأصوات وقت الخطبة، فإن ذلك ممنوع، وبدعة مذمومة شرعاً اتفاقاً يثاب من منعه أو أمر بمنعه، وإذا كانت قراءة القرآن والذكر وما شاكل ذلك ممنوعاً وقت الخطبة، فكيف بغير ذلك مما اعتاده الناس اليوم» انتهى.

قال أبو عبيدة: ويشمل النهي -أيضاً-: الجهر بقراءة «دلائل الخيرات» ، أو الأسماء الحسنى، أو القول خلفها: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن الله يحيي ويميت، وهو حيٌّ لا يموت، سبحان من تعزّز بالقُدرة والبقاء، وقهر العباد بالموت والفناء، أو الصياح خلفها: الفاتحة، أو استغفروا لأخيكم، أو سامحوه، أو الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو ترك الإنصات، وتحدث الناس بعضهم مع بعض، أو المناداة على الميت، أو رثاءه بقصائد، أو الضرب بالطبل والأبواق والمزامير، وقولهم: محمد، أو أبو بكر، أو علي، أو قراءة الأدعية. انظر تقرير ذلك في: «المدخل» لابن الحاج (٣/٢٤٥، ٢٧٩، ٤/٢٤٦) ، «الحوادث والبدع» (١٤٤، ١٥٣) ، «الباعث» (٢٧٠، ٢٧٤-٢٧٦) ، «الأمر بالاتباع» (٢٥١، ٢٥٣-٢٥٤) ، «تلبيس إبليس» (٤٠٠) ، «اللمع» (١/٢٣٢) ، «السنن والمبتدعات» (٦٧، ١٠٨) ، «الإبداع» (٥٣، ٥٩، ٢٢٥، ٢٤٢) ، «إصلاح المساجد» (١٦٢) ، «البدعة» شلتوت (٣١) ، «السلسلة الضعيفة» (١/٤١٨) ، «أحكام الجنائز» (ص ٣١٤) .
ولمحسن بن محمد بن القاسم (كان حياً ١١٢٥هـ) : «الرد على رسالة الجهر بالذكر» ، منها نسخة ضمن مجاميع [٨٣] ، في (٧) ورقات في الجامع الكبير بصنعاء، كما في «فهارسها» (٣/١٠٥٣) .

<<  <   >  >>